للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهكذا جعل الأستاذ أمين القلب والاشتقاق الكبير سيَّين وهما متغايران كما رأيت. وقد قال بتشابه المعنى بين التقليب والتقليب أو المقلوب والمقلوب عنه: (مع تشابه بينهما في المعنى) . ثم عدل عن ذلك فقال بوحدة المعنى فيهما قائلاً (مع الاتحاد في المعنى) ، فأوقع القارئ في حيرة وجعله من أمره على تردد.

ولست أدري هل ذهب أحد إلى اتفاق المعنى في تقاليب المادة في الاشتقاق الكبير، وهل جاء أن كلم مثل ملك في معناه، وملك مثل كمل في فحواه، وقوس مثل سوق، وسلم نحو ملس.. وإنما تتجلى وحدة المعنى في القلب دون الاشتقاق الكبير، كقولك يئس وأيس، وأشفى وأشاف، واضمحل وامضحل واكفهر واكرهف.. وإذا كان ابن جني قد أوهم بـ (وحدة المعنى) في تقاليب الثلاثي حين قال (١/٥٢٦) : (فهو أن تأخذ أصلاً من الأصول الثلاثة فتعقد عليه وعلى تقاليبه الستة معنى واحداً) فقد قصد بقوله هذا ما تردّ إليه دلالات هذه التقاليب، على اختلافها، من جامع معنوي واحد. قال ابن جني (١/ ٥٢٧) : (وذلك أنا عقدنا تقاليب – الكلام – الستة على القوة والشدة، وتقاليب – القول على الإسراع والخفة) وهو جلي لا وجه فيه للبس أو إبهام.

٦- المقلوب وما جاء على هيئته

ذهب كثير من الأئمة إلى بيان الفرق بين ما تصوروا أنه مقلوب، وما قدروا أنه جاء على هيئة المقلوب، وليس هو كذلك. ومثلوا للأول بـ (آن) فهو مقلوب من (أنى) ، و (أيس) فهو مقلوب من (يئس) . ومثلوا للثاني بـ (جذب وجبذ) فكل منهما أصل، وليس أحدهما مقلوباً من صاحبه.

<<  <   >  >>