للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإذا عدنا إلى التحليل وكشفنا عما وراء (فلّ) و (لفّ) ، استبان أن (الفاء) ، يدل على رقة واستدارة، كما هو معنى (حفّ وزفّ ورفّ وشفّ وكفّ ولفّ وهفّ) ٤. وأن اللام يدل على كسر وضعف ونحو ذلك، كما هو معنى (أل وتل وجلّ وحلّ وزلّ..) ٥، فإذا صحَّ هذا كان معنى (فلّ) أن شيئاً رقَّ واستدار، أصابه كسر، ومن ثم قال الجوهري (الفل واحد فلول السيف) وقال ابن القوطية (فللت حدّ السيف) ونحو ذلك ما جاء في المظان، ومعنى (لفّ) أن شيئاً كسر أو وهن فاستدار به شيء آخر، وهو ما يعنيه اللف. ولا يخفى أن الغلبة في معنى كل من اللفظين للحرف الثاني فعليه المعوّل، ومن ثم كان النص فلّ إذا كسر، ولفّ إذا استدار شيء بآخر وضمه، وليس أحدهما نقيض الآخر.

١١-أيقع الترادف في الثنائي بين المقلوب والمقلوب عنه

أقول يقع الترادف أو نحو منه في الثنائي بين المقلوب والمقلوب منه، كقولك جشه وشجه، وتله ولته، وصرّه ورصَّه، وقدّه ودقّه، ومثَّه وثمَّه.. وقد ترصدت ذلك فألفيت أنه يغلب فيما كان (الباء) أحد حرفيه نحو (كبَّه وبكَّه، ولبّ وبلّ، وتبّ وبتّ، وجبّ وبجّ، وقبّ وبقّ، وصبّ وبصّ، وضبّ وبضّ، وربّ وبرّ، وسبّ وبسّ، وشبّ وبشّ، وعبّ وبعّ، وغبّ وبغّ، وهبّ وبهّ) .

أما علَّة الترادف أو التوارد عامة فقد يكون تقارب معنى الحرفين في الثنائي، وأما سببه فيما كان أحد حرفيه هو الباء، فهو أن الباء ترد لاستيفاء المعنى واستتمامه. وقد فرق لي ذلك بالاستقراء، وأشار إليه الشيخ العلايلي بقوله (الباء يدل على بلوغ المعنى في الشيء بلوغاً تاماً/ ٢١٠) . ولعلّ الذي يوحي بذلك قولهم (يقال للشاب الممتلئ البدن نعمة وشباباً: ببَّة) قاله ابن الأثير في النهاية، وقولهم: (كل شيء ينبت على وجه الأرض فهو الأبّ) ، قاله عطاء، وحكاه اللسان.

<<  <   >  >>