للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا وقد أشار العلماء إلى أن اللغات السامية قد اعتمدت الفعل أصلاً للاشتقاق. قال الدكتور إسرائيل ولفنسون في كتابه (تاريخ اللغات السامية/ ١٤) : (وقد رأى بعض علماء اللغة العربية أن المصدر الاسمي هو الأصل الذي يشتق منه أصل كل الكلمات والصيغ. لكن هذا الرأي خطأ في رأينا. لأنه يجعل الاشتقاق مخالفاً لأصله في جميع أخواتها السامية) . وأردف: (وقد تسرب هذا الرأي إلى هؤلاء العلماء من الفرس الذين بحثوا في اللغة العربية بعقليتهم الآرية. والأصل في الاشتقاق عند الآريين أن يكون من مصدر اسمي) . ولم يرتضِ الأفغاني هذا الرأي فقال: (ثم ذكر هذا المستشرق اليهودي أن هذه نظريته الخاصة، إذ لم يشر إليها أحد من علماء الإفرنج. ومع رغبته في أن يعم بنظريته هذه، اللغة العربية ولغته العبرية، يجدر بالمتأمل الوقوف وعدم القطع، ما لم يقم عليه البرهان الساطع، فما أكثر الظواهر التي خالفت فيها العربية أخواتها الساميات) .

والجواب عن ذلك أنه لا بد للغات عامة أن تتغاير. لكن الأصل فيما يُعزى منها إلى فصيلة واحدة، أن يقع التغاير فيها على الأشكال والفروع كالأصوات والمفردات دون القواعد والأصول كالبنية اللغوية وأصول الاشتقاق. فالذي ذكروه أن العربية خالفت بعض أخواتها في أداة التعريف وعلامة الجمع، كما أورده الدكتور عبد الواحد وافي وفي كتابه فقه اللغة.

والأستاذ محمد عطية الأبراشي في كتابه الآداب السامية. ولكنها لم تخالفها في البنية اللغوية وطريقة الاشتقاق كاعتمادها على الحروف الصامتة دون الصوتية، وكون عدد الحروف الأصلية في الكلم ثلاثة، وأن الأصل في بنيتها أو الجذر واحد لا يتعدد كما يتعدد في اللغات الآرية.

فإذا اطمأنَّ هذا واستقرّ، صحّ أن مغايرة العربية لأخواتها إنما هي في الأشكال والفروع لا في القواعد الأولى والأصول. واعتماد اللغات السامية في اشتقاقها على الفعل، من هذه القواعد والأصول.

٥-ما يعترض رد المادة اللغوية إلى أصل

<<  <   >  >>