وقد عنى الأئمة بلغة حمير لغات اليمن جميعاً: وعاش الحميريون أقرب العصور إلى الإسلام فكانوا أعرف شعوب الجنوب لديهم. ومن الثابت الذي لا مرية فيه، والعلماء منه على يقين جازم، أن القرابة بين لغات اليمن القديمة ولغات الحبشة السامية قوية لتشعب هذه من تلك. أما قرابة ما بين كل من هاتين واللغة العربية أي الحجازية، فعلى شيء من البعد.
ونعني بلغات اليمن الجنوبية لهجة المعينيين والسبئيين والحضرميين والحميريين،.
وهي لهجات جاهلية تكلم بها أهلها قبل الإسلام، واندثر بعضها قبل ظهوره، وبقيت منها بقية لا تزال آثارها حتى اليوم، كما فصله الدكتور جواد في كتابه (تاريخ العرب-٣/ ١٣) .
وقد يُنمى اللفظ إلى النبطية، وكان النبط عرباً، وذهب إلى هذا حديثاً المستشرق الألماني (نولدكه) في كتابه (اللغات السامية) . وكانت لغتهم أدنى إلى عربية الحجاز من اللهجات العربية الجنوبية.
وقد يكون اللفظ منسوباً إلى لغة من اللغات السامية كالسريانية أو العبرية.
ويصح القول بذلك إذا كان اللفظ غريباً في مادته العربية، متمكناً في اللغة الأخرى. أو كان اشتقاقه في هذه أظهر وأبين منه في العربية، أو ورد نص تاريخي ثابت بانتمائه إليها، أو كان في زنة عربية نادرة وهو في السامية المعنية شائع متعالم معروف.
ولا ريب في أن القطع بانتماء اللفظ في الأصل إلى لغة سامية غير العربية عسير إذ ليس بين لغات الفصيلة الواحدة لغات بنات وأخرى أمهات. فقد يصدق القول بأنه من (السامي المشترك) أي مما جاء على صور متقاربة لفظاً ومعنى في لغات سامية متعددة، ومنها العربية.
وقد يكون اللفظ معزواً إلى لغة أعجمية غير سامية كالفارسية أو اليونانية أو سواهما. ومن ثم كان لا بد من الحكم على انتماء اللفظ قبل التماس اشتقاقه ورده إلى أرومته.