وذهب محقق العرب إلى الشك في عجمة (اللجام) أيضاً كدأبه في التعقيب على المعربات، ولا ننس أن شيوع اللفظ واتساع تصرفه قد أصبحا ذريعة للارتياب في عجمته والحكم بنفيها، في أظهر الوجهين وأسلمهما من القدح، كما أخذ به الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه (القراءات القرآنية في ضوء علم اللغة الحديث) ، على حين استدلوا بغربة اللفظ وضيق تصرفه على عجمته، في أمثل القولين وأوجههما وأدناهما من الصواب.
وفي الألفاظ الفارسية لأدي شر أن (اللجام) تعريب (لكام) بكاف فارسية، وأنه كذلك بالآرامية والحبشية. وقال:(وعندي أن اللفظة سامية الأصل وإنما الفارسية أخذتها من الآرامية) . ويعزز هذا ما ذهبنا إليه وانتحيناه. ويؤسس عليه أن (اللجام) مشترك سامي في العربية والآرامية والحبشية.
وقد اتسع التصرف في (الجزاف) مثلثة الجم، من قولك (هذا بيع جزاف) .
وقد أجمع الأئمة أنه معرب (كزاف) الفارسي. وقد قالوا منه جازف، وحامل جزوف إذا تجاوزت حد ولادتها، واجتزفه اشتراه جزافاً، وتجزف فيه تنفذ وتصرف، والجزف أخذ الشيء جزافاً ...
قلت ما أحسب (الجزاف) إلا عربياً أيضاً. فانظر إلى ما جاء في الألفاظ الفارسية لأدشير:(الجزاف والجزافة الحدس والتخمين في البيع والشراء، تعريب كزاف، بكاف فارسية. وأصل معناه الأخذ بكثرة من غير تقدير. وقال فيه العرب: جزف وجازف وتجزف واجتزف إلى غير ذلك. ومنه الآرامي ... ) .
أو ليس مجيء اللفظ في العربية والآرامية دليلاً على ساميته وأنه عربي أصيل.