وإذا ضاق التصرف في (الورد والدينار والديوان والأربون والعربون) فقد اتسع في (لجام) فهو معرب أصله فارسي. وقد عومل معاملة العربي فجمع على (لجم) ككتب، وصغّر على (لجيِّم) ككتيّب. واشتق منه فعل فقيل (ألجمه) ومصدر فقيل (الجام) .
وجاء في المزهر (١/١٦٩) : (وتكاد هذه الكلمة، أعني لجاماً، لتمكنها في الاستعمال وتصرفها فيه تقضي بأنها موضوعة عربية لا معربة ولا منقولة، لولا ما قضوا به من أنها معربة) . أقول بل جمع على (ألجمةٍ ولجم) وقيل (ملجم) لموضع اللجام، كما قيل تلجمت الحائض إذا شدت اللجام في وسطها.
على أني أكاد أجزم أن (اللجام) عربي لا دخيل، إذ كيف يمكن أن يذهب الظن إلى استعارة العربي اسم هذه الأداة من الفرس، وهي من ألزم أدواتهم فيما عانوا من حياة البداوة. وإذا عدت إلى اتساع العرب في تصرفهم به قوي في نفسك، واستقر في حسبانك، أنه أصيل، فهو المتبادر من الأمر والغالب في الظن.
وإذا كان الأئمة قد قالوا بعجمته لثبوت الشبه بينه وبين مرادفه الفارسي، فليس كل لفظ عربي اتفق له في الفارسية أو سواها، شبيه (في لفظه ومعناه) ، هو دخيلاً في العربية. وما أحكم قول الأستاذ عبد الوهاب عزام حول ذلك في مقدمة كتاب (المعرب) حين قال: (فرب لفظ فارسي يظن أصلاً للفظ عربي وهو في الحقيقة لفظ سامي تسرب إلى الفارسية في العصور القديمة. وقد بعد بالباحثين عن الصواب ظنهم أن العربية لم تهب اللغات الأخرى من ألفاظهم إلا في العصور الإسلامية) . وذهب أحمد فارس الشدياق إلى عربية (اللجام) فرده إلى (لجم الثوب) إذا خاطه. أقول يقوي هذا في النفس أن (اللجام) وزان (فعال) ، وهو من أوزان أسماء الآلة، كالنظام والرباط والوكاء والنقاب والقناع والصمام والقياد والشداد والأزار والقرام، والوثاق والجماع، كما جاء في شرح الحماسة للمرزوقي (١١١٥) .