وقد ذهب ابن جني في الخصائص هذا المذهب فقال (١/٣٦٢-ط- ١٩١٣) : (ويؤكد هذا عندك أن ما أعرب من أجناس الأعجمية، قد أجرته العرب مجرى أصول كلامها. ألا تراهم يصرفون في العلمَ نحو آجرٍ وابريسمٍ وفرندٍ وفيروزجٍ، وجميع ما تدخله لام التعريف، وذلك أنه لما دخلته اللام في نحو الديباج والفرند.. أشبه أصول كلام العرب، أعني النكرات، فجرى في الصرف ومنعه مجراها، قال أبو علي: ويؤكد ذلك أن العرب اشتقت من الأعجمي النكرة، كما اشتق من أصول كلامها. قال رؤبة:
هل يُنجيني حلف سختيت أو فضة أو ذهب كبريت
قال فسختيت من السخت، كزحليل من الزحل..) . فاشتق من (السخت) وهو معرب، (سختيت) كما اشتق من (الزحل) وهو عربي (زحليل) .
وقد جرى الجواليقي في المعرب على هذا المنهاج ويمم سمته فقال إن المعربات أعجمية باعتبار الأصل، عربية باعتبار الحال. وقد أخذ بهذا ابن الجوزي.
ويتبين بالاستقراء أن من المعرب ما قل تصرف العرب فيه، ومنه ما كثر واتسع. من ذلك (الورد) لما يشم. فهو اسم فارسي معرب. وقد اشتقوا منه (ورد، وتورد، وورّد) . و (الدينار) فقد جاء في المعرب أنه فارسي معرب.
وصححه الأستاذ عبد الوهاب عزام في مقدمة الكتاب فجعله رومي الأصل. وهو على حق. وذكر صاحب التقريب (وقد ذهب بعض المستشرقين إلى أن كلاً من الدرهم والدينار معرب من اليونانية) والرومية تعني اليونانية. وقد قالوا منه (ثوب مدنر، ودنر فلان إذا كثرت دنانيره) . و (الديوان) فارسي معرب، وقالوا منه (دوّنه) إذا جعله في الكتاب وأثبته وصنفه. و (الأربون) كالعربون وزناً ومعنى، وهما معربان. وقد قالوا (أربنه) إذا أعطاه العربون. وكذلك (عربنه وعربنت في الشيء وأعربت فيه) إذا أسلفت.