وقال أبو محمد عبد الله الخفاجي في سر الفصاحة (٢٤) : (الكلام اسم عام يقع على القليل والكثير، وذكر السيرافي أنه مصدر، والصحيح أنه اسم مصدر، والمصدر التكليم، قال الله تعالى: (كلم الله موسى تكليماً (. ولعل أبا سعيد تسمَّح في إيراد ذلك وقال مجازاً) . أقول ما قاله الخفاجي في (الكلام) هو ما اعتد أصلاً، لكن الذي عناه، هنا أنه اللفظ المنطوق به. قال الخفاجي (٤١) : (بينا فيما تقدم أن الكلام هو الصوت الواقع على بعض الوجوه) ، وهو ما أراده ابن جني حين قال (١/٣٠) : (الكلام في لغة العرب عبارة عن الألفاظ القائمة برؤوسها المستغنية عن غيرها، وهي التي يسميها، أهل هذه الصناعة، الجمل على اختلاف تركيبها) . فإذا أردت ما يدل على جمع الآحاد قلت (الكلم) والواحد الكلمة، وإذا أردت ما يدل على الجنس جنس الجمل التوام، إجمالاً، قليلها وكثيرها، قلت (الكلام) فأغناك هذا عن الجمع، والكلام في الأصل اسم مصدر للفعل (كلَّم) . وليس بين ابن جني والخفاجي في حد الكلام إلا اشتراط الإفادة عند الأول وعدم اشتراطها عند الثاني:
اسم المصدر اسم للحدث واسم للعين
يتبين مما تقدم أن اسم المصدر هو اسم للحدث حيناً، وهو اسم للعين حيناً آخر، كما عناه ابن جني والخفاجي حين عرّفا (الكلام) ، ولا يعنينا أيهما الأصل اسم الحدث أو اسم العين، فقد ذكر الرضي في شرح الكافية اسم المصدر هو اسم العين المنقول إلى الحدث، إذ قال: (اسم المصدر هو اسم العين يستعمل بمعنى المصدر كقوله:
أكفراً بعد ردّ الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعا