للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثال آخر (الصلاة) فهي في الأصل اسم مصدر من (صلَّى) . قال صاحب الصحاح: (الصلاة الدعاء ... والصلاة من الله تعالى الرحمة، والصلاة واحدة الصلوات المفروضة، وهو اسم يوضع موضع المصدر تقول صليته صلاة ولا تقل تصلية) .

وقال صاحب الكليات (٢٢٣) : (الصلاة هي اسم لمصدر وهو التصلية، أي الثناء الكامل وكلاهما مستعملان، بخلاف الصلاة بمعنى أداء الأركان، فإن مصدرهما لم يستعمل) .

وجاء: (وأما صلَّى صلاة وزكى زكاة ووصى وصاة، وما أشبه ذلك، فإنها أسماء وقعت موقع المصادر واستغنى بها عنها) ، وقال ابن سيده في المخصص (١٣/ ٨٥) : (إذا كانت الصلاة مصدراً، وقع على الجمع والمفرد على لفظ واحد، فإذا اختلف جاز أن يجمع لاختلاف ضربه) .

فيتبين بهذا أن الصلاة في الأصل اسم مصدر يقع على الحدث وجنسه، وقد استغنى به عن المصدر، وحين سُمِّيَ به كانت الصلاة واحدة الصلوات المفروضة.

ومثال ثالث هو (الكلام) ، فإنه اسم مصدر، والمصدر التكليم. قال ابن جني في الخصائص (١/ ٢٣) : (وذلك أن الكلام اسم من كلّم بمنزلة السلام من سلَّم، وهما بمعنى التكليم والتسليم، وهما المصدران الجاريان على كلَّم وسلَّم) . فقد نبه على أن (الكلام) اسم مصدر، وإنه بمنزلة (التكليم) وهو المصدر. وأردف (فلما كان الكلام مصدراً يصلح لما يصلح له الجنس، ولا يختص بالعدد دون غيره، عدل عنه إلى الكلم الذي هو جمع كلمة) . فجعل الكلام والتكليم سواء من حيث اشتمالهما على الجنس الدال على القليل والكثير، لكن الجنس الذي انطوى عليه الكلام هو جنس (الجمل) ، لا جنس (الفعل) . قال ابن جني: (فالكلام إذاً إنما هو جنس للجمل التوامّ بمفردها ومثناها ومجموعها) . فذهاب ابن جني إلى أن (الكلام) هنا اسم مصدر وأنه بمنزلة المصدر، إنما جرى اعتباراً بما اعتد أصلاً، لأنه قد عنى بالكلام جنس (الجمل) لا جنس الفعل.

<<  <   >  >>