اختتم الدكتور جواد كلامه على المفعول به الحقيقي، واللفظي بمثال آخر. على أنه لم يأتِ هنا بمفعول عُدِل به عن الجر إلى النصب، وهو على معنى الجر، كما فعل أول مرة، وإنما أتى بمفعول عمل فيه الفعل نصباً لكنه لم يجر على معناه فلم يقع حدثه الواحد، فاسماه (المفعول اللفظي) أيضاً. وقد أشار إلى أنه إذا تعدد المفعول به للفعل الواحد، فالمفعول به الحقيقي واحد. قال الأستاذ:(لأن فلسفة التعدي لا تجيز وجود مفعولين مختلفين لفعل واحد، والمفعول الثاني والمفعول الثالث، هما من المفاعيل اللفظية، لا الحقيقية، كما ذكرنا) .
وعاد، كما هو شأنه، يؤكد أن ذلك لم يخطر على بال أو يسنح في فكر، إذا أردف:(وهو بحث لم يطرقه علماء النحو من قبل) . وفي الجواب عن هذا أقول إن النحاة لم يذكروا الذي ذكره الأستاذ بألفاظه، لكنهم عنوه وقصدوه صراحة، فيما أثر عنهم وخلَّف في مطولاتهم.
قال الأستاذ جواد (نحو ألبس فلاناً جبَّة، واستدفع الله السوء، فالمفعول به الحقيقي، فيهما هو المفعول به الأول، إن كان ترتيبهما أصلياً. ففلان ولفظ الجلالة مفعولان حقيقيان لوقوع الإلباس، لا اللبس، على فلان جبة، ولوقوع الاستدفاع لا الدفاع، على لفظ الجلالة. ألا ترى أنك تقول: لبس فلان جبة، ودفع الله السوء، فهما فاعلان في الأصل، ولهما مفعولان حقيقيان. فلما دخل على أفعالهما ما ينسخ عنهما الفاعلية، بقيت لهما المفعولية، فهي حقيقية لهما لفظية لغيرهما) .