للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعرض ابن جني لتسمية العامل ويوضح ما عناه النحاة بقولهم (لفظي) فيقول: ليس العامل اللفظي ما عمل بلفظه، فـ (ضرب) في قولك (ضرب سعيد جعفراً) عامل لفظي، لكنه لا يعمل بلفظه، وإنما يعمل بمعناه، واللفظ مصاحب لهذا المعنى. فـ (ضَرَب) الحاصلة بلفظك (الضادَ والراء والباء) على صورة (فَعَل) لم تعمل في الحقيقة شيئاً لأنك إذا قصدت بها اللفظ كان الصوتَ، ولا شأن للصوت في العمل. ويتحصل من هذا أن (ضَرَب) التي تعمل إنما تعمل، في واقع الأمر، بمعناها لا بلفظها، ولو أسميت عاملاً لفظياً، لأن مراد النحاة من قولهم (العامل اللفظي) العامل الذي يصحبه اللفظ، و (العامل المعنوي) العامل الذي لا يصحبه اللفظ، وكلام ابن جني هذا واضح، ظاهر الاستقامة.

وقد أبرز النحاة هذا القصد حين قالوا (العامل، لفظياً كان أو معنوياً، ما به يتقوَّم، أي يحصلُ المعنى المقتضي للإعراب، ففي (جاءني زيدٌ) جاء عامل، إذ به حصل معنى الفاعلية في زيد.. وفي (رأيت زيداً) رأيت: عامل، إذ به حصل معنى المفعولية في زيد.. وفي (مررت بزيد) الباء: عامل إذ به حصل معنى الإضافة في زيد، كما جاء في شرح الكافية للجامي. وهكذا اسمي العامل في الجمل الثلاث لفظياً لأنه تمثل بألفاظ (جاء ورأى والباء) . لكن هذا العامل لم يعمل بلفظه وإنما عمل بمعناه. أي بما أحدثه من أثر معناه في المعمول حتى أصبح هذا فاعلاً أو مفعولاً به أو غير ذلك.

نظرية العامل في النحو:

<<  <   >  >>