ولسنا هنا بسبيل نقد (نظرية العامل) . فقد جاء في العدد الثالث من مجلة اللسان العربي للعام (١٩٦٥) للميلاد (ص / ١٤٣) : (ابن جني هو أول من أنكر العامل في كتابه الخصائص حيث قال: وأما في الحقيقة ومحصول الحديث فالحركات من الرفع والنصب والجر والجزم، إنما هي للمتكلم نفسه، لا لشيء غيره.. ثم قال: إن ضَرَب انتهت بمجرد النطق بها، فلا يمكن أن تكون عاملاً في زيد أو عمرو... وذهب ابن مضاء قاضي قضاة قرطبة في عهد الموحدين على هذا النحو في كتابه الرد على النحاة) . وهو وجيه، وإنما نحن بصدد بيان ما عناه النحاة بقولهم لفظي ومعنوي، وما أراده ابن جني في الكشف عما قصدوا إليه، أو يجب أن يقصدوا إليه، في هذه التسمية. فالإعراب أثر يجلبه العامل، وهو لفظي ومعنوي، فاللفظي الذي يتمثل باللفظ مذكوراً أو مقدراً، والمعنوي الذي لا يمثله اللفظ.
ونذكر هنا ما قام بين أبي عبد الله الجرمي وأبي زياد الفراء حين سأل هذا عن (زيدٌ منطلقٌ) لِمَ رُفع زيدٌ؟ فقال الجرمي: رُفع بالابتداء، وقال الفراء: فأظهرْه، قال: هو معنى لا يظهر، قال فمثِّله، قال: لا يمثَّل. قال الفرّاء: ما رأيت كاليوم عاملاً لا يظهر ولا يتمثل. وأصحاب الفرّاء يرفعون المبتدأ بالخبر خلافاً للبصريين الذين يرفعون بمعنى الابتداء، أي بعامل معنوي لا يظهر ولا يتمثل.