والأصل في (أداة المصاحبة) ، هذه أن تفيد في غير أفعال المشاركة، مالايفيده العاطف، فقولك (جاء زيد وخالد) يعني اشتراكهما في الحدث وحسب، أما قولك (جاء زيد مع خالد) ، فإنه يعني اشتراكهما في الحدث مع المصاحبة، أي جريان الحدث منهما في وقت واحد. وِأنت لا تقول: لا يؤكل الليمون والخل، أو السمك واللبن، أو الزنجبيل والفلفل، على سبيل المثال، لكنك تقول لا يؤكل الليمون مع الخل، أو السمك مع اللبن، أو الزنجبيل مع الفلفل، بإحلال (مع) محل العاطف، إذا أردت ألاَّ يجتمعا في الأكل.
ويختلف الحال في أفعال المشاركة، فأنت تقول (تبارى فلان وفلان) ، فتسند الفعل إلى فاعل ثم تستوفي الآخر بالعطف عليه. ومن خصوص العطف بالواو إشراكهما في الحدث، ولا محل لقولك (تبارى فلان مع فلان) ، لأن المصاحبة التي تفيد/مع) ، قد أفادها اشتراكهما في الحدث. هذا هو الأصل، ولكن جاء على (افتعل) ، من أفعال المشاركة ما أحلَّوا فيه أداة المصاحبة محل الواو كاجتمع واتفق واتحد، فأنت تقول على الأصل اجتمع فلان وفلان، ولكن جاء في الصحاح ـ (اجتمع معه) . كما تقول اتفق فلان وفلان، ولكن جاء في اللسان (اتفق معه) . وتقول اتحد فلان وفلان، على الأصل، ولكن جاء في الكليات لأبي البقاء الكفوي (١/٣٥) : "فقال بعضهم باتحاد النفس مع البدن.."، وهكذا قالوا:(انتظم معه) ، فقد جاء في لطائف اللطف للنيسابوري:"وقد انتظمت يا سيدي مع رفقة من سمط الثريا ... "، والأصل أن تقول انتظم فلان وفلان في رفقة. فلان. وقالوا التقوا معه، فقد جاء في النهاية لابن الأثير:"دخل أبو قارظ مكة فقالت قريش حليفنا وعضدنا وملتقى أكفِّنا وأيدينا، تلتقي مع يدهِ وتجتمع"، والأصل أن تقول أي أيدينا تلتقي هي ويده وتجتمع. كما جاء في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (التقوا معي/٣٢٤) .