أما استعمال الآيمة له فقول ابن جني في الخصائص (١ / ٤١٥) : (ويؤكده لك أننا نعتذر لهم عن مجيئهم بلفظ المنصوب في التثنية على لفظ المجرور) ، أي نعتذر عن فعلهم هذا. وكذلك قول المرزوقي في شرح الحماسة (١٢٦) : (كالاعتذار عن الأخذ بالفضل عليهم، وترك الصفح عنهم) . وما جاء في المثل السائر لنصر الله بن الأثير الجرزي (٤٦٣) : (فإن هذا من أحسن ما يجيء في باب الاعتذار عن الذنب) . ما جاء في اللسان (في عسق) : (هذا قول ابن سيده، والعجب من كونه لم يعتذر عن سائر كلماته) . وقد كرر هذا فقال:(ومن الممكن أن يكون ابن سيده، رحمه الله، ترك الاعتذار عن كلماته.. وعن لفظة: شانني ... واعتذر عن لفظة عَسِقني) . واتفق في الأشباه والنظائر ـ ٤ / ١٦) من كلام الإمام جمال الدين بن هشام الأنصاري ما عدَّى به (اعتذر) بـ (عن) غير مرة ونحو هذا كثير في كلامهم.
مواضع استعمال (عن) :
ولكن لِمَ كان النص في المعاجم على تعدية الفعل بـ (من) غالباً دون (عن) ؟ فأنت تقول (قد تسبب هذا عن هذا) . قال الفيومي:(وهذا مسبب عن هذا) وقد تكرر ذلك في كلام ابن جني في الخصائص (٣ / ١٦٠) ، كما تقول (اعتللت بمرضي عن غيابي، أي احتججت بهذه العلة. قال الفيومي (واعتلَّ إذا تمسك بحجة، ذكر بمعناه الفارابي) . وقال ابن جني (٣ / ٢٠٦) : (واعتل لهذا القول بأن ما قبلها ساكن) .
قال الأستاذ محمد علي النجار في كتابه (لغويات / ١٤٢) ، (لقد استعملت العلة أيضاً في العذر، ويعتذر به الإنسان عن لوم يوجه إليه في التقصير في بعض الأمر) . وقال:(ومما يؤنس لما نحن فيه أنه ورد الاعتلال في ذكر العلة، ويقول الفارابي، على ما في المصباح: اعتلّ إذا تمسك بحجته، وقال أبو قيس بن الأسلت:
وتعتلّ عن إتيانهن فتعذر
وتكرمها جاراتها فيزرنها
ولكنها منهن تحيا وتخفر
وليس بها أن تستهين بجارة
فقوله: تعتل عن إتيانهن أي تعتذر بذكر وجه تخلفها عن زيارتهن فظهر أن التعلل في معنى ذكر العلَّة، له وجهه الصحيح) .