وقد ذكر النحاة من معاني (عن) المطردة: (التعليل) ، قاله صاحب المغنى (١ / ١٢٧) ومثَّل له بقول تعالى ?وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة ـ التوبة / ١١٥?. وفي الهمع للسيوطي (٢ / ٢٩) ما في المغنى. وفي شروح الألفية وغيرها من الأمهات نحو من ذلك وانظر إلى ما جاء في أمالي المرتضى حول تخريج قوله تعالى ?فخرعليهم السقف من فوقهم ـ النحل / ٢٦? قال المرتضى (١ / ٣٥١) : (قيل في ذلك أجوبة أولها أن يكون على معنى عن فيكون ـ فخر عنهم السقف من فوقهم ـ أي خرّ عن كفرهم وجحودهم بالله تعالى وآياته، كما يقول القائل: اشتكى فلان عن دواء شربه، وعلى دواء شربه، فيكون على وعن، بمعنى من أجل الدواء) !.
وإذا صح هذا فلِمَ لا نقول (اعتذرت إليه لغيابي) واللام فيه للتعليل أيضاً؟ والجواب عن ذلك: نقوله، وقد أجريت اللام في مجراها ووضعت موضعها، والكلام صحيح لا شَين فيه. ففي محاضرات الأدباء للراغب (٤٥٠) : (المعتذر لتركه الصلاة) ومعناه (المعتذر بسبب تركه الصلاة) . وقد تكرر ذلك في المحاضرات فجاء فيه (٢٨٦) : (المعتذر للقصر) و (الممدوح بالخفة والمعتذر للنحافة) ، وعلى هذا القول (اعتذرت لغيابي يوم الجمعة) . وهو مستقيم.
المانعون لقول القائل (اعتذر عن التقصير) :
منع الدكتور مصطفى جواد عضو المجمع العلمي العراقي، رحمه الله في كتابه (دراسات في فلسفة النحو) قول القائل (اعتذر عن التقصير والذنب) وجعل صوابه (من التقصير والذنب) ، وأتى بشواهد من نصوص المعاجم وكلام الأيمة، بمجئ التعدية بـ (من) . وقال:(وإنما تستعمل عن مع اعتذر ومصدره لإفادة معنى النيابة، يقال: اعتذر زيد عن عمرو من الذنب الذي جناه أو من تقصيره..) . أما ما جاء في المصباح (واعتذر عن فعله: أظهرعذره) فقد ذهب جواد إلى أنه محرّف.