وقال ابن جني في سر صناعة الإعراب (٣ / ٢٣١) : (قد قدمنا في كتابنا الخصائص صدراً صالحاً من ـ تقلب الأصل الواحد والمادة إلى صور مختلفة يخطمُها ـ يريد ينتظمها ويقودها ـ كلها معنى واحد، ووسمناه بباب الاشتقاق الأكبر) .
وجاء في نهج البلاغة (٢ / ٥٨) وليكن من أبناء الآخرة فإنه منها قَدِم، واليها ينقلب) . ولا ننسَ أن (انقلب) قد عُدَّي بإلى غير مرة، في أي الذكر الحكيم، حين جاء بمعنى (رجع) .
وجاء في محاضرات الأدباء للراغب (٣ / ٢١١) : (وكتب الصابئ عن عز الدولة إلى أبي تغلب، وقد نقل ابنته إليه: قد وجهت الوديعة، وإنما نقلت من وطن إلى سكن، ومن مغرس إلى مغرس. وهي مني انفصلت إليك وثمرة من جني قلبي حصلت لديك) . وهو جليّ بيِّن.
القول في معنى (تعرَّض له)
مذهب جواد في استعمال (تعرّض له) وحجته:
قطع الدكتور مصطفى جواد في كتابه (قل ولا تقل) أن قولك (تعرَّض له) ينمّ على رغبة الفاعل في الفعل، والمفعول إن وجد، فيمتنع على هذا أن تقول (تعرّض فلان للتعذيب) أو نحو ذلك، إذ لا يستقيم أن يكون المتعرّض راغباً في (التعذيب) أو ما يشاكله من معاناة ومقاساة، وأن صواب التعبير أن تقول (عُرِّض للتعذيب) .
قال الأستاذ جواد:(وإن من الأغلاط ما ارتكبه أدباء كبراء كالدكتور طه حسين وعباس محمود العقاد وتابعهما عليه مقلدوهما غير عالمين بها لأنهما قدوتهم وموضع ثقتهم. فالفعل الشائع اليوم في أقوال الكتَّاب: تعرَّض، والخطأ في استعماله إنما ظهر في كتاب الأيام، ففي الصفحة.. منه قول الكاتب وكان ذكاؤه واضحاً وإتقانه للغة بيِّناً. وحسن تصرفه فيه لا يتعرض للشك.. وفي الصفحة.. قوله: وكان الأزهر قد تعرض لألوان مختلفة من النظام) .