يقول بعضهم: إنه يخشى أن يدخل من يلحن في الحديث النبوي في حديث من كذب، يعني إذا قال القارئ:(إنما الأعمالَ بالنيات) يقول: أخشى أن يكون قد دخل في الحديث من كذب، كيف يدخل في الحديث من كذب؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قال هكذا؟ أنت افتريت على النبي -عليه الصلاة والسلام-، بل قال -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما الأعمالُ)).
على كل حال أهمية معرفة اللغة العربية بفروعها لا تخفى على من له أدنى عناية بالعلم الشرعي، وإن حاول بعض ممن ينتسب إلى طلب العلم التقليل من شأن العربية، فالنصوص فهمها مبني على فهم اللغة، فلا يمكن أن يستغني طالب العلم الشرعي عن هذه اللغة، ومن أهم علوم اللغة النحو والصرف، وهما علمان، كل واحد مستقل عن الآخر، وإن قال بعضهم أن الصرف داخل في النحو؛ لكن الصرف يبحث في حروف الكلمة، حروفها التي تبنى منها، والنحو يبحث في عوارض الكلمة، ونسبة التصريف إلى النحو كنسبة التشريح إلى الطب، النحو يبحث في العوارض، وكذلك الطب، بينما التشريح يبحث في الأعضاء كالتصريف.
مما ينبغي أن يعنى به طالب العلم من فروع العربية متن اللغة، ينبغي أن يكون عنده رصيد من مفردات اللغة، ومن المهمات أيضاً: فقه اللغة، وعلوم البلاغة الثلاثة أيضاً لا يستغني عنها طالب علم، كيف يتذوق بلاغة القرآن وفصاحة القرآن وإعجاز القرآن من لا يعرف علوم البلاغة؟ الوضع والاشتقاق يدخلون معها المناظرة والخطابة وقرض الشعر، وغير ذلك من الفنون المطلوبة لطالب العلم الشرعي، وإن لم تكن مقاصد إلا أنها وسائل تعين على فهم الكتاب والسنة.
النحو الذي نحن بصدد شرح اللبنة الأولى فيه، وهو هذه المقدمة المباركة الآجرومية، بمد الهمز نسبة إلى ابن آجروم بضم الجيم والراء المشددة (آجروم) وهو عند المغاربة بمعنى: الفقير، والفقير يطلق في عرف تلك الجهات بل عند المشارقة أيضاً الفقير يطلق على المتعبد، الذي هو عندهم الصوفي، في ترجمة الإمام أحمد -رحمه الله-: إمام في السنة، إمام في الأحكام، إمام في الزهد، إمام في الفقر، يعني في العبادة والتأله، فهو إمام في هذه الأبواب كلها.