للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي مقابل هذا الطعن والتهم الباطلة في حق أصحاب النبي وخيار سلف الأمة من أئمة المسلمين وعلمائهم، القائمة على الهوى والظن، والمجردة من أي دليل، نجده في الوقت نفسه يمجد الرافضة، ويعظمهم ويثني على دينهم.

فيقول ضمن حديثه عن زيارته للعراق، ورؤيته للرافضة وهم يطوفون بالقبور ويتمسحون بها: «كنت أنظر إلى الشيوخ الطاعنين في السن، وعلى رؤوسهم عمائم بيض وسود، وفي جباههم آثار السجود، وزاد في هيبتهم تلك اللحى التي أعفوها، وتنطلق منها روائح طيبة، ولهم نظرات حادة مهيبة، وما أن يدخل الواحد منهم حتى يجهش بالبكاء، وتساءلت في داخلي أيمكن أن تكون هذه الدموع كاذبة؟؟ أيمكن أن يكون هؤلاء الطاعنون في السن مخطئين؟؟». (١)

ويقول في موطن آخر: «بل قد استهوتني عباداتهم، وصلاتهم ودعاؤهم، وأخلاقهم، واحترامهم لعلمائهم، حتىتمنيت أن أكون مثلهم». (٢)

أماطريقته في الحكم على الأحاديث من حيث الصحة والضعف، فله في ذلك طريقة غريبة لا أظن أن أحداً سبقه إليها، حتى من أصحاب المنهج العقلي: الذين يخضعون الآحاديث لعقولهم فما وافقها أخذوا به، وما خالفها ضعفوه وتركوه، وأما هذا الرجل فإنه يخضع الآحاديث لهواه، فتراه يصحح ويضعّف ويحذف ويزيد في الآحاديث، بل قد يصحح جزءاً من الحديث، ويضعف الجزء الآخر، كل ذلك بمجرد الهوى والظن غير مستدل لكلامه ولا موثق لأحكامه، ومن ذلك:

إيراده الحديث الذي رواه مسلم من حديث ابن عمر قال: خرج رسول الله من بيت عائشة فقال: (رأس الكفر من هنا من حيث يطلع قرن الشيطان، يعني المشرق). (٣)


(١) ثم اهتديت ص ٣٦ - ٣٧.
(٢) المرجع نفسه ص ٤٣.
(٣) رواه مسلم (كتاب الفتن باب الفتنة من المشرق) ٤/ ٢٢٢٨ ح ٢٩٠٥.

<<  <   >  >>