للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا على ما يصفه هذا الرافضي من المبالغة لاستحالة ذلك على الرسول .

ولِمَا دل عليه القرآن من أن الله قد أكمل له ولأمته الدين، فأنزل عليه قبل ذلك في حجة الوداع: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً﴾. (١)

وكما أخبر الرسول بذلك في قوله: (إني تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك). (٢)

فإذا تقرر بطلان ما يدعي هذا الرافضي من أن الأمة وقعت في الضلالة، وحرمت العصمة بسبب عدم كتابة الرسول لهم ذلك الكتاب لاختلاف الصحابة عنده:

فليعلم بعد هذا أن الذي أراده الرسول من كتابة ذلك الكتاب هو أن يكتب لهم كتاباً يبين فيه فيمن تكون الخلافة من بعده كما ذكر ذلك العلماء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «ولم تكن كتابة الكتاب مما أوجبه الله عليه أن يكتبه أو يبلغه في ذلك الوقت، إذ لو كان كذلك لما ترك ما أمره الله به، لكن ذلك مما رآه مصلحة لدفع النزاع في خلافة أبي بكر، ورأى أن الخلاف لابد أن يقع». (٣)

وقال في موضع آخر: «وأما قصة الكتاب الذي كان رسول الله يريد أن يكتبه، فقد جاء مبيناً كما في الصحيحين عن عائشة قالت: قال رسول الله في مرضه: (ادعى لي أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً،


(١) المائدة ٣.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ١٢٦، ضمن حديث العرباض بن سارية في موعظة النبي وكذا ابن ماجه في سننه ١/ ١٦، وقد صحح الحديث الألباني بمجموع طرقه في ظلال الجنة. انظر: ظلال الجنة مع كتاب السنة لابن أبي عاصم ص ٢٦.
(٣) منهاج السنة ٦/ ٣١٦.

<<  <   >  >>