للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر) (١).

[إلى أن قال بعد ذكر روايات الحديث]: والنبي قد عزم على أن يكتب الكتاب الذي ذكره لعائشة، فلما رأى أن الشك قد وقع، علم أن الكتاب لا يرفع الشك، فلم يبق فيه فائدة، وعلم أن الله يجمعهم على ما عزم عليه كما قال: (ويأبى الله والمؤمنون إلا

أبا بكر)». (٢)

وأما قوله في الحديث: (لن تضلوا بعدي) فيقول الدهلوي في توجيهه: «فإن قيل: لو لم يكن ما يكتب أمراً دينياً فلم قال: (لن تضلوا بعدي؟) قلنا: للضلال معان، والمراد به ههنا عدم الخطأ في تدبير الملك، وهو إخراج المشركين من جزيرة العرب، وإجازة الوفد بنحو ما كان يجيزه، وتجهيز جيش أسامة منه، لا الضلالة والغواية عن الدين». (٣)

وأما قوله: «وهم الذين اختلفوا في الخلافة فتوزعوا بين حزب حاكم وحزب معارض، وسبب ذلك تخلف الأمة وانقسامها إلى شيعة علي وشيعة معاوية»

فالجواب على هذا: أن الخلاف بين الصحابة في عهد علي لم يكن في الخلافة، فإن الذين اختلفوا مع علي هم: طلحة، والزبير، وعائشة، ومعاوية ، ولم يكن هؤلاء ينازعونه في الخلافة بل لم يَدَّعِ أحد لامن هؤلاء ولا من غيرهم، أنه أولى بالخلافة بعد مقتل عثمان من علي؛ لأنه أفضل من بقي، وقد كانوا يقرون له بالفضل، وإنما أصل الخلاف بين هؤلاء الصحابة

المذكورين وعلي هو في المطالبة بدم عثمان وقتل قتلته، فقد كانوا يرون تعجيل ذلك والمبادرة بالاقتصاص منهم، وقد كان علي لا ينازعهم في أن عثمان قُتل مظلوماً،


(١) أخرجه مسلم في صحيحه:: (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر) ٤/ ١٨٥٧، ح ٢٣٨٧.
(٢) منهاج السنة ٦/ ٢٣، ٢٥.
(٣) مختصر التحفة الاثني عشرية ص ٢٥١.

<<  <   >  >>