للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل من نجا ممن خرج معها إلا من أحب المقام، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، وقال: تجهز يا محمد فبلَّغها.

فلما كان اليوم الذي ترتحل فيه، جاءها حتى وقف لها، وحضر الناس، فخرجت على الناس وودعوها، وقالت: يابَنيّ تعتب بعضنا على بعض استبطاءً واستزادة فلا يعتدّن أحد منكم على أحد بشيء بلغه من ذلك، إنه والله ما كان بيني وبين عليّ في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه عندي على معتبتي من الأخيار. وقال علي: يا أيها الناس، صدقت والله وبرت ما كان بيني وبينها إلا ذلك وإنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة». (١)

ومما ثبت من ذلك عن عمار وكان في جيش علي يوم الجمل ما رواه الطبري من رواية مالك بن دينار قال: «حمل عمار على

الزبير يوم الجمل فجعل يحوزه (٢) بالرمح فقال: أتريد أن تقتلني؟ قال: لا انصرف». (٣)

وروى الطبري أيضاً عن عامر بن حفص قال: «أقبل عمار حتى حاز الزبير يوم الجمل بالرمح فقال: أتقتلني يا أبا اليقظان! قال: لا يا

أبا عبد الله». (٤)

وهذا كله فيما دار بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين في معركة الجمل، أما في موقعة صفين التي دارت بين علي ومعاوية

.

فقد ثبت عن علي على ما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية عن إسحاق بن راهويه بسنده إلى جعفر بن محمد عن أبيه قال: (سمع علي يوم الجمل أو يوم صفين رجلاً يغلو في القول فقال: لا تقولوا إلا خيراً إنما هم


(١) تاريخ الطبري ٤/ ٥٤٤.
(٢) الحيز والحوز هو السوق اللين، ومنه حاز الأبل يحوزها سارها في رفق. انظر: لسان العرب ٥/ ٣٤٣.
(٣) تاريخ الطبري ٤/ ٥١٢
(٤) تاريخ الطبري ٤/ ٥١٢.

<<  <   >  >>