للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجعل ينظر إليهما ظناً (١) منه أن هذا هوالمقصود من قوله تعالى: ﴿حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر﴾ (٢)، واختلف الصحابة إلى فريقين في فهم قصد

النبي من قوله: (لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة) (٣)، فصلى فريق منهم في الطريق، وفريق آخر لم يصل إلا في بني قريظة. كما حصل لبعضهم بعض المخالفات متأولين، كما في قصة حاطب ابن أبي بلتعة (٤)، وقصة خالد مع بني جذيمة (٥) في حوادث كثيرة يطول ذكرها، ومع هذا لم يؤثمهم النبي أغير الأمة على دين الله، لأن أخطاءهم نشأت عن اجتهاد أو تأويل، قد رفع الحرج فيه عن الأمة.

ولهذا لم يكن اختلاف الصحابة في مسائل الاجتهاد سبباً في تفرقهم، وتنازعهم، وتحزبهم.

قال الامام قوام السنة: «إنا وجدنا أصحاب رسول الله ورضي عنهم اختلفوا في أحكام الدين، فلم يفترقوا، ولم يصيروا شيعاً،

لأنهم لم يفارقوا الدين، ونظروا فيما أذن لهم». (٦)

فإذا كان التنازع منتفياً في حقهم، بل الثابت عنهم هو التآلف


(١) انظر الحديث في صحيح البخاري: (كتاب الصوم، باب قول الله تعالى: ﴿وكلوا واشربوا﴾ الآية)، فتح الباري ٤/ ١٣٣، ح ١٩١٦، وصحيح مسلم: (كتاب الصوم، باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر)
٢/ ٧٦٦.
(٢) سورة البقرة آية ١٨٧.
(٣) الحديث أخرجه البخاري من حديث ابن عمر: (كتاب المغازي، باب مرجع النبي من الأحزاب) فتح الباري ٧/ ٤٠٨، ح ٤١١٩.
(٤) انظر: الحديث في هذا في صحيح البخاري: (كتاب استتابة المرتدين، باب ما جاء في المتأولين) فتح الباري ١٢/ ٣٠٤، ح ٩٣٩، صحيح مسلم: (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر) ٤/ ١٩٤١، ح ٢٤٩٤.
(٥) انظر: الحديث في هذا في صحيح البخاري: (كتاب المغازي، باب بعث النبي خالد إلى بني جذيمة)، فتح الباري ٨/ ٥٦، ح ٤٣٣٩.
(٦) الحجة في بيان المحجة ٢/ ٢٢٧ - ٢٢٨.

<<  <   >  >>