للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاتفاق، والمحبة والتواد، كما وصفهم ربهم بقوله: ﴿أشداء على الكفار رحماء بينهم﴾. (١)

فكيف لهذا الرافضي أن يدعي: أن اختلافهم في الاجهتاد سبب في تنازع الأمة وتفرقها.

بل إن الأمة استفادت بسبب اختلاف الصحابة في الاجتهاد، مع عدم التفرق والتمزق، من الدروس والعبر، ما كان سبباً في اجتماع الأمة لا تفرقها، ووحدتها لا تمزقها، لكن إنما حصل هذا لأهل المتابعة لطريقهم الذين اهتدوا بهديهم، واقتفوا أثرهم في ذلك، فلم يتفرقوا لاختلاف الآراء في الاجتهاد. ألا وهم أهل السنة، الذين هم أهل الاجتماع والائتلاف، وفارقهم وخالفهم في هذا سائر أهل البدع، الذين هم أهل التفرق والاختلاف.

ولذا لما رأى خيار السلف من بعدالصحابة هذه الثمار الطيبة المباركة لاجتهادات الصحابة، وأثرها في الأمة، وما حصل بسببها من الرحمة للأمة والتوسعة في الاجتهاد والترجيح بين أقوالهم، ما كرهوا

اختلاف الصحابة بل أظهروا الفرح والرضا به.

قال عمر بن عبد العزيز : (ما يسرني أن أصحاب رسول الله لم يختلفوا). (٢)

وفي رواية أخرى عنه: (ما يسرني أن لي باختلافهم حمر النعم). (٣)

وقال القاسم بن محمد : (لقد نفع الله باختلاف أصحاب النبي في أعمالهم، لا يعمل العامل بعمل رجل منهم، إلا رأى أنه في سعة ورأى خيراً منه قد عمله). (٤)


(١) سورة الفتح من الآية ٢٩.
(٢) نقله شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ٣/ ٨٠، والشاطبي في الموافقات ٤/ ١٢٥.
(٣) ذكره الشاطبي في الموفقات ٤/ ١٢٥.
(٤) المصدر نفسه ٤/ ١٢٥.

<<  <   >  >>