للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابة كانوا يمتثلون أوامر رسول الله وينفذونها، فهذه الحادثة تقطع عليهم ما يرومون فهل سلم عمر بن الخطاب هنا ولم يجد في نفسه حرجاً بما قضى الرسول ؟! أم كان في موقفه تردد في ما أمر به النبي ، وخصوصاً في قوله: أولست نبي الله حقاً، أولست كنت تحدثنا إلى آخره، وهل سلم بعدما أجابه رسول الله بتلك الأجوبة المقنعة؟ كلا لم يقتنع بجوابه وذهب يسأل أبا بكر الأسئلة نفسها».

والجواب عن هذا: أن ما ذكره من مراجعة عمر للنبي في أمر الصلح، وكذلك تأخر الصحابة في بداية الأمر عن النحر والحلق حتى نحر رسول الله وحلق، كل هذا صحيح ثابت في الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث التي نقلت أخبار صلح الحديبية. (١)

وعلى هذين الأمرين مدار طعنه وسلفه من الرافضة على أصحاب رسول الله ولا مطعن في شيء من هذا على أصحاب

رسول الله لا عمر ولا غيره من الصحابة الذين شهدوا الحديبية.

وبيان ذلك: أن الرسول كان قد رأى في المنام أنه دخل مكة وطاف بالبيت فأخبر أصحابه بذلك وهو بالمدينة، فلما ساروا معه عام الحديبية لم يشك جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام، فلما وقع أمر الصلح وفيه أن يرجعوا عامهم هذا، ثم يعودوا العام القادم شق ذلك على أصحاب رسول الله (٢) فجعل عمر على ما عرف به من القوة في الحق والشدة فيه يسأل رسول الله ويراجعه في الأمر، ولم تكن أسئلته التي سألها رسول الله لشك في صدق الرسول ، أو اعتراض عليه، لكن كان مستفصلاً عما كان متقرراً لديه، من أنهم سيدخلون مكة


(١) انظر: صحيح البخاري مع فتح الباري: (كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد) ٥/ ٣٢٩، ح ٢٧٣١ - ٢٧٣٢، و (كتاب الجزية) ٦/ ٢٨١، ح ٣١٨٢، وصحيح مسلم: (كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية) ٣/ ١٤١١، ح ١٧٨٥، ومسند أحمد ٣/ ٤٨٦.
(٢) انظر: تاريخ الطبري ٢/ ٦٣٥، والبداية والنهاية لابن كثير ٤/ ١٧٠.

<<  <   >  >>