للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما استدلاله بقول ابن عباس: (ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب) (١) ، فلا حجة له فيه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معناه: «يقتضي أن الحائل كان رزية، وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق، واشتبه عليه الأمر، فإنه لو كان هناك كتاب لزال الشك، فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه ولله الحمد» . (٢)

ويوضح هذا أن ابن عباس ما قال ذلك إلا بعد ظهور أهل الأهواء والبدع، من الخوارج والروافض. نص على هذا

شيخ الإسلام ابن تيمية (٣) والحافظ ابن حجر. (٤)

وأيضاً فقول ابن عباس هذا قاله اجتهاداً منه، وهو معارض بقول عمر واجتهاده، وقد كان عمر أفقه من ابن عباس قطعاً. قاله

ابن حجر. (٥)

قلت: بل هو معارض بقول عمر، وطائفة من الصحابة معه، كماجاء في الحديث: (فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك) . (٦)

ويعضد هذا القول موافقة النبي له بعد ذلك وتركه كتابة الكتاب، فإنه لو أراد أن يكتب الكتاب ما استطاع أحد أن يمنعه، وقد ثبت أنه عاش بعد ذلك أياماً باتفاق السنة والرافضة فلم يكتب شيئاً. (٧)

وأما ادعاؤه أن النبي أراد بذلك الكتاب أن ينص على خلافة


(١) تقدم تخريجه ص٢٧٧.
(٢) منهاج السنة ٦/٢٥.
(٣) انظر: منهاج السنة ٦/٣١٦.
(٤) انظر: فتح الباري ١/٢٠٩.
(٥) انظر: فتح البارى ٨/١٣٤.
(٦) تقدم تخريجه ص ٢٧٧.
(٧) تقدم تقرير هذه المسألة ص ٢٢٩.

<<  <   >  >>