للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الذي صرح به العلماء هنا هو ظاهر قول النووي حيث يقول في معرض شرحه للحديث: «وهو المراد بقولهم هجر، وبقول عمر غلب عليه الوجع»، فقد فرّق بين القولين فتأمله ..

فثبت بهذا افتراء الرافضي وظلمه بنسبته هذه اللفظة لعمر من غير دليل، بل ظاهر الأدلة على خلافه، على أن هذه اللفظة لا مطعن فيها على عمر لو ثبتت عنه، كما أنه لامطعن فيها على من ثبتت عنه من الصحابة. وما ادعاه المؤلف من نسبة قائلها رسول إلى أنه لايعي مايقول -حاشاه ذلك- باطل لايحتمله اللفظ وبيان ذلك من عدة وجوه.

الوجه الأول: أن الثابت الصحيح من هذه اللفظة أنها وردت بصيغة الاستفهام هكذا (أهجر؟) وهذا بخلاف ما جاء في بعض الروايات بلفظ (هجر، ويهجر) وتمسك به المؤلف فإنه مرجوح على ما حقق ذلك المحدثون، وشراح الحديث: منهم القاضي عياض (١)، والقرطبي (٢)، والنووي (٣)، وابن حجر. (٤)

فقد نصوا على أن الاستفهام هنا جاء على سبيل الإنكار على من قال: (لا تكتبوا).

قال القرطبي بعد أن ذكر الأدلة على عصمة النبي من الخطأفي التبليغ في كل أحواله، وتَقَرُرِ ذلك عند الصحابة: «وعلى هذا

يستحيل أن يكون قولهم (أهجر)، لشك عرض لهم في صحة قوله، زمن مرضه، وإنما كان ذلك من بعضهم على وجه الإنكار على من توقف في إحضار الكتف والدواة، وتلكأ عنه، فكأنه يقول لمن توقف: كيف تتوقف أتظن أنه


(١) انظر: الشفا ٢/ ٨٨٦.
(٢) انظر المفهم ٤/ ٥٥٩.
(٣) انظر شرح صحيح مسلم ١١/ ٩٣.
(٤) انظر فتح الباري ٨/ ١٣٣.

<<  <   >  >>