للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أن قال ص ١٠٣: «وإذا أردنا أن نتمعن في هذه القضية، فإننا سنجد الخليفة الثاني من أبرز عناصرها، إذ أنه هو الذي جاء بعد وفاة رسول الله إلى الخليفة أبي بكر وطلب منه أن يعزل أسامة ويبد له بغيره. فقال أبو بكر: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، أتأمرني أن أعزله وقد ولاه رسول الله ».

والجواب على هذا:

أن ما ادعاه من معارضة الصحابة للرسول في تأمير أسامة معارضة صريحة: فمن أظهر الكذب، الذي ترده الأخبار الصحيحة.

والثابت في هذه الحادثة أن الرسول في مرضه الذي توفي فيه أمر أصحابه بالمسير إلى تخوم البلقاء من الشام، والإغارة على أهل مؤته، حيث قتل زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحه الذين كانوا أمراء الرسول على غزوة مؤته المعروفة، فلما تجهز الصحابة لما أمرهم به رسول الله جعل الرسول أسامة بن زيد أميراً عليهم، وقال له: سر إلى موضع مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل وأغر صباحاً على أُبْنى (١) وحرّق عليهم، وأسرع المسير تسبق الخبر،

فإن ظفرك الله بهم، فأقل اللبث فيهم، فتكلم في تأمير أسامة قوم منهم عياش بن أبي ربيعة المخزومي، فرد عليه عمر وأخبر النبي (٢) فخطب وقال: (إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان لخليقاً للإمارة وإن كان من أحب الناس إليّ وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده). (٣)

فظاهر أن من تكلم في إمارة أسامة كانوا أفراداً من الصحابة وليس كل


(١) أُبْنَى: بوزن حُبْلى موضع بالشام من جهة البلقاء، معجم البلدان لياقوت الحموي ١/ ٧٩.
(٢) انظر: تاريخ الطبري ٣/ ١٨٤، وفتح الباري لابن حجر ٨/ ١٥٢.
(٣) من قوله: إن تطعنوا رواه البخاري في (كتاب المغاري، باب بعث النبي أسامة) فتح الباري ٢/ ١٥٢، ح ٤٤٦٩، ومسلم: (كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد) ٤/ ١٨٨٤، ح ٢٤٢٦.

<<  <   >  >>