للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابة، وكانوا بذلك مجتهدين في ما قالوا لأنهم خشوا أن يضعف عن الإمارة لصغر سنه، ومع هذا فقد أنكر عليهم عمر وأخبر بذلك رسول الله فأخبرهم إنه جدير بالإمارة فما يعرف أن أحداً منهم تكلم فيه بعد ذلك.

فأي لوم على الصحابة بقول أفراد منهم أنكره عليهم بعضهم، ثم نهاهم رسول الله فانتهوا.

وأما ادعاء هذا الرافضي. أنهم تباطؤوا في الخروج مع أسامة حتى مات رسول الله فلم يحصل شيء من ذلك بل إن الصحابة

بادروا بالاستعداد للقتال، وأعدوا العدة لذلك، فقد نقل ابن هشام والطبري بسنده عن ابن إسحاق قال: «بعث رسول الله أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام وأمره أن يوطئ تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، فتجهزالناس وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون» . (١)

وفي الطبقات لابن سعد: «وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار، إلا انتدب في تلك الغزوة» . (٢)

فكان الصحابة قد تهيؤوا للخروج مع أسامة، وخرج بهم وعسكر بالجرف استعداداً للانطلاق، لكن الذي حصل بعد ذلك أن النبي اشتدعليه المرض فجاءه أسامة وقال: (يارسول الله قد أصبحت ضعيفاً وأرجوا أن يكون الله قد عافاك فأذن لي فأمكث حتى يشفيك الله، فإني إن خرجت وأنت علىهذه الحالة خرجت وفي نفسي منك قرحة وأكره أن أسأل عنك الناس، فسكت عنه رسول الله ) . (٣)

فكان أسامة هو الذي طلب من النبي التأخر في الخروج حتى يطمئن على رسول فأذن له الرسول ولو أراد أسامة الخروج ما تأخر عنه أحد ممن كان تحت إمرته.


(١) سيرة ابن هشام ٤/١٤٩٩، تاريخ الطبري ٣/١٨٤.
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ٢/١٩٠.
(٣) نقلة شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة ٥/٤٨٨.

<<  <   >  >>