للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولا امتنع أحد من أصحاب أسامة من الخروج معه لو خرج، بل كان أسامة هو الذي توقف في الخروج لما خاف أن يموت النبي فقال: كيف أذهب وأنت هكذا، أسأل عنك الركبان؟ فأذن له النبي في المقام، ولو عزم على أسامة في الذهاب لأطاعه، ولو ذهب أسامة لم يتخلف عنه أحد ممن كان معه وقد ذهب جميعهم معه بعد موت النبي ولم يتخلف عنه أحد بغير إذنه» . (١)

ثم إن أسامة بقي معسكراً في الجرف ينتظر شفاء رسول الله حتى إذا كان يوم الإثنين أصبح رسول الله مفيقاً فدخل عليه أسامة، فقال له الرسول : (أغد على بركة الله، فودعه أسامة وخرج إلى معسكره، فأمر الناس بالرحيل، فبينما هو يريد الركوب إذ رسول أمه أم أيمن قد جاءه يقول: إن رسول الله يموت فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة، فانتهوا إلى رسول الله وهو يموت فتوفي . (٢)

فهذا هو حقيقة ما حصل، ولم يكن تأخر خروج أسامة إلا بطلب منه أذن له فيه النبي ، على أنه لم يكن بين أمر النبي

أصحابه بالتهيؤ للغزو، ووفاته إلا ستة عشر يوماً، فقد كان ندبه أصحابه لذلك يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة، وعين أسامة أميراً على الجيش في اليوم الثاني.

فلما كان يوم الأربعاء بدئ برسول الله المرض فما زال مريضاً حتى توفاه الله يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول (٣) ، ومعلوم أن هذه المدة ليست طويلة في تجهيز جيش في مثل ذلك الوقت على أن الصحابة كانوا قد استعدوا وتهيؤوا للخروج قبل هذه المدة بكثير لولا استئذان أسامة رسول الله في تأخير الخروج، فقد ثبت أن أسامة قد


(١) منهاج السنة ٦/٣١٨-٣١٩.
(٢) الطقبات الكبرى لابن سعد ٢/١٩١.
(٣) انظر: المصدر السابق ٢/١٨٩-١٩١.

<<  <   >  >>