للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: أن المراد من كان في زمن النبي ثم ارتد بعده فيناديهم النبي ، وإن لم يكن عليهم سيما الوضوء، لما كان يعرفه في حياته من إسلامهم، فيقال: ارتدوا بعدك.

والثالث: أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى هذا لا يقطع لهؤلاء الذين يذادون بالنار، يجوز أن يذادوا عقوبة لهم، ثم يرحمهم الله فيدخلهم الجنة بغير عذاب». (١)

ونقل هذه الأقوال، أو قريباً منها، القرطبي، وابن حجر

-رحمهما الله تعالى-. (٢)

قلت: ولا يمتنع أن يكون أولئك المذادون عن الحوض هم من مجموع تلك الأصناف المذكورة، فإن الروايات محتملة لكل هذا، ففي بعضها يقول النبي فأقول: (أصحابي) أو (أصيحابي -بالتصغير-)، وفي بعضها يقول: (سيؤخذ أناس من دوني فأقول ياربي مني ومن أمتي) وفي بعضها يقول: (ليردن عليّ أقوام أعرفهم

ويعرفوني) (٣)، وظاهر ذلك أن المذادين ليسوا طائفة واحدة.

وهذا هو الذي تقتضيه الحكمة، فإن العقوبات في الشرع تكون بحسب الذنوب، فيجتمع في العقوبة الواحدة كل من استوجبها من أصحاب ذلك الذنب.

كما روى عن طائفة من الصحابة منهم عمر وابن عباس في تفسير قوله تعالى: ﴿احشروا الذين ظلموا وأزواجهم﴾ (٤): قالوا: (أشباههم يجئ


(١) شرح صحيح مسلم ٣/ ١٣٦ - ١٣٧.
(٢) انظر: المفهم للقرطبي ١/ ٥٠٤، وفتح الباري لابن حجر ١١/ ٣٨٥.
(٣) انظر: الروايات في صحيح البخاري: (كتاب الرقاق، باب الحوض) فتح الباري ١١/ ٤٦٣ - ٤٦٥، وصحيح مسلم: (كتاب الفضائل، باب اثبات الحوض) ٤/ ١٧٩٢ - ١٨٠٢.
(٤) سورة الصافات آية ٢٢.

<<  <   >  >>