للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا، وأصحاب الربا مع أصحاب الربا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر) (١)، وإذا كان النبي قد بين أن سبب الذود عن الحوض هو الارتداد كما في قوله: (إنهم ارتدوا على أدبارهم)، أو الإحداث في الدين، كما في قوله: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) (٢)، فمقتضى ذلك هو أن يُذاد عن الحوض كل مرتد عن الدين سواء أكان ممن ارتد

بعد موت النبي من الأعراب، أو من كان بعد ذلك، يشاركهم في هذا أهل الإحداث وهم المبتدعة.

وهذا هو ظاهر قول بعض أهل العلم.

قال ابن عبد البر: «كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض، كالخوارج، والروافض، وسائر أصحاب الأهواء، قال: وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق، والمعلنون بالكبائر، قال: وكل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا ممن عنوا بهذا الخبر والله أعلم». (٣)

وقال القرطبي في التذكرة: «قال علماؤنا -رحمة الله عليهم أجمعين- فكل من ارتد عن دين الله، أو أحدث فيه ما لا يرضاه، ولم يأذن به الله، فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم، كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائهاء، فهؤلاء كلهم مبدلون). (٤)

وإذا ما تقرر هذا ظهرت براءة الصحابة من كل ما يرميهم به الرافضة فالذود عن الحوض إنماهو بسبب الردة أو الإحداث في الدين،

والصحابة من أبعد الناس عن ذلك، بل هم أعداء المرتدين الذين قاتلوهم وحاربوهم


(١) تفسير ابن كثير ٤/ ٤.
(٢) انظر: الروايات في الصحيحين بحسب ما جاء في الحاشية رقم (١) من هذه الصفحة.
(٣) نقلاً عن النووي في شرح صحيح مسلم ٣/ ١٣٧.
(٤) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ١/ ٣٤٨.

<<  <   >  >>