للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أصعب الظروف وأحرجها بعد موت النبي على ماروى الطبري في تأريخه بسنده عن عروة بن الزبير عن أبيه قال: (قد ارتدت العرب إما عامة وإما خاصة في كل قبيلة، ونجم النفاق، واشرأبت اليهود والنصارى والمسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية، لفقد نبيهم وقلتهم وكثرة عدوهم). (١)

ومع هذا تصدى أصحاب النبي لهؤلاء المرتدين وقاتلوهم قتالاً عظيماً وناجزوهم حتى أظهرهم الله عليهم فعاد للدين من أهل الردة من عاد، وقتل منهم من قتل، وعاد للإسلام عزه وقوته وهيبته على أيدي الصحابة وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء.

وكذلك أهل البدع كان الصحابة -رضوان الله عليهم- أشد الناس إنكاراً عليهم، ولهذا لم تشتد البدع وتقوى إلا بعد انقضاء عصرهم، ولما ظهرت بعض بوادر البدع في عصرهم أنكروها وتبرؤا منها ومن أهلها.

فعن ابن عمر أنه قال لمن أخبره عن مقالة القدرية: (إذا لقيت هؤلاءفأخبرهم أن ابن عمرمنهم بريء، وهم منه برآء ثلاث مرات). (٢)

وعن ابن عباس قال: (ما في الأرض قوم أبغض إلىّ من أن يجيئوني فيخاصموني من القدرية في القدر). (٣)

ويقول البغوي ناقلاً إجماع الصحابة وسائر السلف على معاداة أهل البدع: «وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنن على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدع ومهاجرتهم». (٤)

وهذه المواقف العظيمة للصحابة من أهل الردة وأهل البدع، من أكبر


(١) تاريخ الطبري ٣/ ٢٢٥.
(٢) أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب السنة ٢/ ٤٢٠، والآجري في الشريعة ص ٢٠٥.
(٣) أخرجه الآجري في الشريعة ص ٢١٣.
(٤) شرح السنة للبغوي ١/ ١٩٤.

<<  <   >  >>