للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشواهد الظاهرة على صدق تدينهم، وقوة إيمانهم، وحسن بلائهم في الدين، وجهادهم أعداءه بعد موت رسول الله ، حتى أقام الله بهم السنة وقمع البدع، الأمر الذي يظهر به كذب الرافضة في رميهم لهم بالردة والإحداث في الدين، والذود عن حوض

النبي . بل هم أولى الناس بحوض نبيهم لحسن صحبتهم له في حياته، وقيامهم بأمر الدين بعد وفاته.

ولا يشكل على هذا قول النبي : (ليردن عليّ ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني) (١) فهؤلاء هم من

مات النبي وهم على دينه، ثم ارتدوا بعد ذلك، كما ارتدت كثير من قبائل العرب بعد موت النبي ، فهؤلاء في علم النبي من أصحابه، لأنه مات وهم على دينه، ثم ارتدوا بعد وفاته ولذا يقال له: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)، وفي بعض الروايات: (إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري) (٢) فظاهر أن هذا في حق المرتدين بعد موت النبي . وأين أصحاب النبي الذين قاموا بأمر الدين بعد نبيهم خير قيام، فقاتلوا المرتدين، وجاهدوا الكفار والمنافقين، وفتحوا بذلك الأمصار، حتى عم دين الله كثيراً من الأمصار، من أولئك المنقلبين على أدبارهم.

وهؤلاء المرتدون لا يدخلون عند أهل السنة في الصحابة، ولا يشملهم مصطلح (الصحبة) إذا ما أطلق. فالصحابي كما عرفه العلماء المحققون: «من لقي النبي مؤمناً به ومات على الإسلام». (٣)

وأما قول النبي : (فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) (٤)


(١) جزء من حديث سهل بن سعد أخرجه البخاري في صحيحه: (كتاب الرقاق، باب الحوض) فتح الباري ١١/ ٤٦٤، ح ٦٥٨٢.
(٢) انظر: الروايات في صحيح البخاري: (كتاب الرقاق، باب الحوض) فتح الباري ١١/ ٤٦٤ - ٤٦٥، وصحيح مسلم: (كتاب الفضائل، باب إثبان الحوض) ٤/ ١٧٩٦.
(٣) الاصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ١/ ٧.
(٤) تقدم تخريج الحديث ص ٣٥٠، وهَمَل النعم: ضوال الإبل، واحدها: هامل، أي الناجي منهم قليل في قلة النَّعَم الضالة، النهاية لابن الاثير ٥/ ٢٧٤.

<<  <   >  >>