للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحتجاج الرافضي به على تكفير الصحابة إلا القليل منهم فلا حجة له فيه، لأن الضمير في قوله (منهم) إنما يرجع على أولئك القوم الذين يدنون من الحوض ثم يذادون عنه، فلا يخلص منهم إليه إلا القليل وهذا ظاهر من سياق الحديث فإن نصه: (بينما أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلَمّ فقلت أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَل النعم). (١)

فليس في الحديث للصحابة ذكر وإنما ذكر زمراً من الرجال يذادون من دون الحوض ثم لا يصل إليه منهم إلا القليل.

قال ابن حجر في شرح الحديث عند قوله: (فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَل النعم) «يعني من هؤلاء الذين دنوا من الحوض وكادوا يردونه فصدوا عنه والمعنى لا يرده منهم إلا القليل لأن الهَمَل في الإبل قليل بالنسبة لغيره». (٢)

وبهذا يظهر كذب الرافضي وتلبيسه، وبراءة الصحابة من طعنه وتجريحه، على أن أحاديث الحوض في الجملة لو استقام للرافضي الاحتجاج بها على ردة بعض الصحابة -مع أن ذلك لا يستقيم بما تقدم ذكره -فأين الدليل على تعيين المرتدين المحدثين منهم الذين تعتقد الرافضة ردتهم من الصحابة، فإن هذا يحتاج إلى دليل، ولو احتج الخوارج الذين يكفرون علياً بهذه الآحاديث على ردة علي حاشاه ذلك- ما استطاع الرافضة الذب عنه، بل لو قال الخارجي الواقع يشهد بصحة ما اعتقد فإن الحروب والفتن وتفرق المسلمين وسفك دمائهم إنما كان في عهده دون من سبقه من الخلفاء، لانقطع الرافضي في الخصومة، وهذا


(١) تقدم تخريج الحديث ص ٣٥٠.
(٢) فتح الباري ١١/ ٤٧٤ - ٤٧٥.

<<  <   >  >>