للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الأول: اختيار ابن سبأ البيئة المناسبة لدعوته، حيث

بث دعوته في بلدان: الشام، ومصر، والعراق، بعد أن أكثر التنقل بين هذه الأمصار كما مر في كلام الطبري. (١)

فنشأت هذه الدعوة في مجتمعات لم تتمكن من فهم الإسلام الفهم الصحيح، وتترسخ أقدامها في العلم الشرعي والفقه بدين الله تعالى، وذلك لقرب عهدها بالإسلام فإن تلك الأمصار إنما فتحت في عهد عمر . هذا بالإضافة إلى بعدها عن مجتمع الصحابة في الحجاز وعدم التفقه عليهم.

الأمر الثاني: ان ابن سبأ مع اختياره لدعوته تلك المجتمعات فإنه زيادة في المكر والخديعة: أحاط دعوته بستار من التكتم والسرية، فلم تكن دعوته موجهة لكل أحد، وإنما لمن علم أنهم أهل لقبولها من جهلة الناس، وأصحاب الأغراض الخبيثة، ممن لم يدخلوا في الإسلام إلا كيداً لأهله بعد أن قوضت جيوش الإسلام عروش ملوكهم ومزقت ممالكهم، وقد تقدم كلام الطبري السابق عن ابن سبأ: «فبث دعاته، وكاتب من كان استفسده في الأمصار، وكاتبوه، ودعوا في السر إلى

ما عليه رأيهم» . (٢)

ويقول في سياق وصفهم: «وأوسعوا الأرض إذاعة

وهم يريدون غير ما يظهرون» . (٣)

المرحلة الثانية: إظهار هذا المعتقد، والتصريح به، وذلك بعد مقتل عثمان وانشغال الصحابة رضوان الله عليهم بإخماد الفتنة التي حصلت بمقتله، فوجد هؤلاء الضلال متنفساً في تلك الظروف، وقويت تلك العقائد الفاسدة في نفوسهم، إلا أنه مع كل ذلك بقيت هذه العقائد محصورة في طائفة مخصوصة ممن أضلهم

ابن سبأ، وليست لهم شوكة ولا كلمة


(١) انظر ص ٣٣ من هذا الكتاب.
(٢) انظر ص ٣٤ من هذا الكتاب.
(٣) تاريخ الطبري ٤/٣٤١.

<<  <   >  >>