للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صليت ركعتين، فقالت: ابن اختى إنه لا يشق علي) . إسناده صحيح وهو دال على أنها تأولت أن القصر رخصة، وأن الإتمام لمن لا يشق عليه أفضل) . (١)

قلت: وهذا موافق لما ذكره القرطبي سابقاً في سبب إتمامها .

هذا وقد ذكر بعض العلماء المحققين في: (باب الصحابة) في معرض ردهم على الرافضة أن الذي حمل عثمان على الإتمام في منى لما بلغه أن بعض الأعراب الذين كانوا شهدوا معه الصلاة في الأعوام الماضية ظنوا أنها ركعتان فأراد أن يعلمهم أنها أربع.

قال أبونعيم في: (كتاب الإمامة) : «وإن الذي حمل عثمان على الإتمام أنه بلغه أن قوماً من الأعراب ممن شهدوا معه الصلاة بمنى رجعوا إلى قومهم فقالوا: الصلاة ركعتان، كذلك صليناها مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان بمنى، فلأجل ذلك صلى أربعاً ليعلمهم ما يستنوا به للخلاف والاشتباه» . (٢)

وقال ابن العربي في العواصم في معرض رده على الشبه التي

أُثيرت ضد عثمان : «وأما ترك القصر: فاجتهاد إذ سمع أن الناس افتتنوا بالقصر، وفعلوا ذلك في منازلهم، فرأى أن السنة ربما أدت إلى إسقاط الفريضة، فتركها مصلحة خوف الذريعة، مع أن جماعة من العلماء قالوا: إن المسافر مخير بين القصر والإتمام» . (٣)

قلت: ويؤيد هذا أن عثمان ما كان يقصر الصلاة في بداية عهده، بل بقي سبع سنين من خلافته وهو يقصر الصلاة بمنى، ثم أتم بعد ذلك، فهو دليل أنه ما فعل ذلك إلا لأمر طرأ.

روى ابن أبي شيبة عن عمران بن حصين أنه قال: (حججت مع


(١) المصدر نفسه.
(٢) الإمامة والرد على الرافضة ص٣١٢.
(٣) العواصم من القواصم ص٩٠.

<<  <   >  >>