للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عثمان سبع سنين من إمارته لا يصلي إلا ركعتين، ثم صلى بمنى أربعاً). (١)

وعلى كل حال فكل من عثمان وعائشة كانا مجتهدين فيما ذهبا إليه أياً كان السبب الحامل لهما على ذلك.

وإذا ما تقرر هذا اندحضت دعوى الرافضي في النيل منهما، وانكشفت شبهته، وبطل افتراؤه وظلمه.

وزيادة على هذا أذكر هنا بعض الأوجه الأخرى المؤكدة لما تقدم من براءة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وأم المؤمنين

عائشة مما رماهما به الرافضي.

الوجه الأول: أنهما مجتهدان، والمجتهد معذور، بل مأجور على كل حال لقول النبي : (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر). (٢)

وهذا أمر مقرر عند أهل السنة لا يختلفون فيه، وإنما يخالف فيه أهل البدع.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمة، وإن كان ذلك في المسائل العلمية، ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمة». (٣)

ويقول أيضاً: «هذا قول السلف وأئمة الفتوى كأبي حنيفة والشافعي، والثوري، وداود بن على وغيرهم، لايؤثمون مجتهداً مخطئاً في المسائل الأصولية ولا في الفرعية. كما ذكر ذلك عنهم ابن حزم وغيره، وقالوا: هذا


(١) المصنف لابن أبي شيبة ٢/ ٢٠٧.
(٢) رواه البخاري في: (كتاب الاعتصام، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ) فتح الباري ١٣/ ٣١٨، ح ٧٣٥٢، ومسلم: (كتاب الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ) صحيح مسلم ٣/ ١٣٤٢، ح ١٧١٦.
(٣) مجموع الفتاوى ٢٠/ ١٦٥.

<<  <   >  >>