للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتعة) فقد علم أن تحريم المتعة كان في عهد رسول الله مرة أو مرتين، فالذي بلغه النهي امتنع عنها ومن لا فلا، ولما شاع في عهد عمر ارتكابها أظهر حرمتها وأشاعها وهدد من كان يرتكبها، وآيات الكتاب شاهدة على حرمتها

والجواب عن متعة الحج: -أعنى تأديه أركان العمرة مع الحج في سفر واحد في أشهر الحج قبل الرجوع إلى بيته -أن عمر لم يمنعها قط ورواية التحريم عنه افتراء صريح- نعم إنه كان يرى إفراد الحج والعمرة أولى من جمعهما في إحرام واحد وهو القران أو في سفر واحد وهو التمتع، وعليه الإمام الشافعي، وسفيان الثوري،

وإسحاق بن راهوية وغيرهم لقوله تعالى: ﴿وأتموا الحج والعمرة لله﴾ إلى قوله: ﴿فمن تمتع بالعمرة إلى الحج﴾ (١) الآية فأوجب سبحانه الهدي على المتمتع لا على المفرد جبراً لما فيه من النقصان، كما أوجبه تعالى في الحج إذا حصل فيه قصور ونقص، ولأنه حج في حجة الوداع مفرداً، واعتمر في عمرة القضاء وعمرة جعرّانة كذلك، ولم يحج فيها بل رجع إلى المدينة مع وجود المهلة.

وأما ما رووا من قول عمر (وأنا أنهى عنهما) فمعناه أن الفسقة وعوام الناس لا يبالون بنهي الكتاب وهو قوله تعالى: ﴿فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون﴾ (٢) وقوله تعالى: ﴿وأتموا الحج والعمرة لله﴾ إلا أن يحكم عليهم الحاكم والسلطان، ويجبرهم على مراعاة ما أمروا به وما نهوا عنه، فلذلك أضاف النهي إلى نفسه، فقد تبين لك ولله تعالى الحمد زيف أقوالهم، وظهر لك مزيد ضلالهم والحق يعلو وكلمة الصدق تسمو». (٣)

فظهر بهذا بطلان دعوى الرافضة في طعنهم في عمر لنهيه عن المتعتين. أما متعة الحج فلم ينه عنها نهى تحريم وإنما كان نهيه على

وجه الاختيار للأفضل، وذلك خشية منه أن يهجر البيت بترك الناس للاعتمار في


(١) سورة البقرة آية ١٩٦.
(٢) وردت الآية في سورة (المؤمنون) آية ٧، وفي سورة المعارج آية ٣١.
(٣) مختصر التحفة الإثني عشرية ص ٢٥٦ - ٢٥٨.

<<  <   >  >>