للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً﴾ (١) وهو بهذا يؤكد أنه أثناء طعنه في الصحابة غير غافل عن هذه الآية وغيرها من الآيات المتضمنة ثناء الله العظيم على هؤلاء الصحابة، وإخبار الله أنه رضي عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار.

وهذا تكذيب منه صريح لنص القرآن، ورد قبيح لأخباره، ومشاقة ومعاندة لأحكامه، وهذا والله هو الكفر الصريح الذي لا يشك فيه أحد من أهل العلم، خصوصاً إذا ما اقترن الرد لأحكام القرآن بشيء من السخرية والاستهزاء، وذلك في قول الرافضي: «وإذا كان هذا الصحابي من السابقين الأولين الذين بايعوا النبي تحت الشجرة ورضي الله عنهم، وعلم ما في قلوبهم فأثابهم فتحاً قريباً يشهد على نفسه وعلى أصحابه بأنهم أحدثوا بعد النبي وهذه الشهادة هي مصداق ما أخبر به » الخ كلامه.

وأما استشهاده بقول أنس (فلم نصبر) على طعنه في

الصحابة، وما ادعاه من إحداثهم وردتهم بعد الرسول ، فليس في

قول أنس ما يدل على تلك الدعوى الفاسدة لامن قريب أو بعيد.

وبيان ذلك أن النبي عهد للأنصار عهداً أنهم سيلاقون أثرة وظلماً شديداً بعده، كما جاء في الصحيحين من حديث أنس، وفيه يقول النبي : (إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض، قال أنس فلم نصبر). (٢)

فقول أنس متعلق بما أوصاهم به من الصبر على ظلم الولاة واستئثارهم بالحقوق عليهم، وغاية ما يدل عليه أنهم لم يصبروا على ظلم


(١) سورة الفتح آيه ١٨.
(٢) جزء من حديث أنس في خبر قسمة الغنائم يوم حنين رواه البخاري
في (كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي يعطي المؤلفة قلوبهم) فتح الباري ٦/ ٢٥١، ح ٣١٤٧، ومسلم (كتاب الزكاة، باب إعطاء
المؤلفة قلوبهم) ٢/ ٧٣٣، ٧٣٤، ح ١٠٥٩.

<<  <   >  >>