للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الولاة، بخلاف ما ادعى الرافضي من الإحداث والردة فهذا لايتحمله السياق ولا يدل عليه.

والصبر الذي أمر به النبي الأنصار وأمر به غيرهم في

حق الولاة جاء مفسراً في أحاديث أخرى، ففي الصحيحن من

حديث ابن عباس عن النبي قال:

(من كره من أميره شيئاً فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبراً

مات ميتة جاهلية). (١)

وفي رواية أخرى عن ابن عباس أيضاً: (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية). (٢)

فتبين أن الصبر على الولاة يكون بلزوم جماعة المسلمين، وعدم الخروج على السلطان، وعلى هذا فأنس وسائر الأنصار من الصابرين على الولاة المتمسكين بوصية نبيهم إذ لا يعرف في تأريخ الأنصار أن أحداً منهم خرج على الحكام، لا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا فيما أدركوا من عهد الدولة الأموية، وقد كان أنس من آخر الصحابة موتاً كما تقدم (٣)، وقد أدرك بعض الأمراء الظلمة مثل الحجاج بن يوسف الذي كان أميراً عليه عندما كان في العراق، ومع هذا لا يعرف من سيرته أنه نازعه في سلطانه، ولا خرج

عليه، مع ما هو معروف به الحجاج من الظلم والبطش بل كان في ذلك صابراً محتسباً، وكان الحجاج لربما تعرض له بشيء من السب والشتم فلا يخرجه ذلك عن صبره على ما نقل ابن كثير من رواية علي بن يزيد قال: (كنت في القصر مع الحجاج وهو يعرض


(١) رواه البخاري (في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أموراً تنكرونها) فتح الباري ١٣/ ٥، ح ٧٠٥٣، ومسلم (كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين) ٣/ ١٤٧٨، ح ١٨٤٩.
(٢) رواه البخاري (في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أموراً تنكرونها) فتح الباري ١٣/ ٥، ح ٧٠٥٤، ومسلم (كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين) ٣/ ١٤٧٧، ح ١٨٤٩.
(٣) انظر ص ٣٨١ من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>