للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه فقال به هكذا). (١)

ولهذا كثرت الآثار عن الصحابة، وخيار سلف الأمة في لوم النفس، واستشعار التقصير لكمال إيمانهم وعلمهم بالله وما قول البراء وأنس بن مالك إلا من هذا الباب، ولو كان في هذا مطعن عليهما للزم ذلك الطعن على خيار الصحابة وسلف الأمة، الذين نقل عنهم من أمثال ذلك ما يصعب حصره.

وإنما اذكر هنا بعض ما جاء من ذلك عن الصحابة الذين هم

محل تقدير الرافضة وتعظيمهم، فمن ذلك ما ثبت عن علي من ندمه يوم الجمل ندماً عظيماً حتى إنه قال لابنه الحسن: (يا حسن ليت أباك مات منذ عشرين سنة، فقال له: يا أبه قد كنت أنهاك عن هذا قال: يابني إني لم أر أن الأمر يبلغ هذا). (٢)

وفيه رواية: (أنه لما اشتد القتال يوم الجمل ورأى علي الرؤوس تندر، أخذ علي ابنه الحسن فضمه إلى صدره، ثم قال: إنا لله ياحسن؟ أي خير يرجى بعد هذا؟). (٣)

وروى أبو نعيم عن سعيد بن المسيب (أن سعد بن مالك وعبد الله بن


(١) رواه البخاري في: (كتاب الدعوات، باب التوبة) فتح الباري ١١/ ١٠٢، ح ٦٣٠٨، وهذا الحديث مختلف فيه، هل هو من قول النبي أو من قول ابن مسعود، لأن رواي الحديث عن عبد الله بن مسعود وهو الحارث بن سويد قال: حدثنا ابن مسعود حديثين: أحدهما: عن النبي والآخر عن نفسه، وذكر هذا الحديث ثم ذكر (لله أفرح بتوبة العبد) وذكر النووي أن المرفوع هو الثاني، شرح صحيح مسلم ١٧/ ٦١.
قال ابن حجر: «وكذا جزم ابن بطال بأن الأول هو الموقوف، والثاني هو المرفوع وهو كذلك) فتح الباري ١١/ ١٠٥.
(٢) ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٧/ ٢٥١، والطبري في تأريخه ٤/ ٥٣٧، ولم يذكر قول الحسن.
(٣) ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٧/ ٢٥١.

<<  <   >  >>