للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شجرة: طوبي لك ياطائر تأكل الثمر وتقع على الشجر، وما من حساب ولا عقاب عليك، لوددت أني شجرة على جانب الطريق مرّ على جمل فأكلني وأخرجني في بعره ولم أكن من البشر.

إلى أن قال: فكيف يتمنى الشيخان أبو بكر، وعمر، أن لا يكونامن البشرالذي كرمه الله علىسائرمخلوقاته، وإذاكان المؤمن العادي الذي يستقيم في حياته تتنزل عليه الملائكة وتبشره بمقامه في الجنة فلا يخاف من عذاب الله ولا يخرن فما بال عظماء الصحابة الذين هم خيرالخلق بعدرسول الله-كما تعلمنا ذلك-يتمنون أن يكونواعذرة».

والرد عليه من عدة وجوه:

الوجه الأول: أن هذه الآثار المذكورة تدل على شدة خوف الشيخين من الله تعالى وتعظيمهما لربهما، وهذا من كمال فضلهما وعلو شأنهما في الدين، ولذا أثني الله في كتابه على عباده الخائفين منه المشفقين من عذابه في آيات كثيرة كقوله تعالى: ﴿وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى - فإن الجنة هي المأوى﴾ (١)،

وقال تعالى: ﴿ولمن خاف مقام ربه جنتان﴾ (٢)، وقال تعالى: ﴿الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون﴾ (٣)، وقال تعالى في وصف المؤمنين: ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار﴾ (٤)، وقال في وصفهم: ﴿والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب﴾ (٥)، والآيات في هذا كثيرة، وهي تدل على أن الخوف من الله من صفات المؤمنين التي أثنى الله بها عليهم، وأحبها منهم، ورتب على ذلك سعادتهم ونجاتهم في الآخرة بخوفهم منه


(١) سورة النازعات آيتا ٤٠ - ٤١
(٢) سورة الرحمن آية ٤٦.
(٣) سورة الأنبياء آية ٤٩.
(٤) سورة النور آية ٣٧.
(٥) سورة الرعد آية ٢١.

<<  <   >  >>