للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الدنيا. والشيخان ماقالا الذي قالا إلا لتحقيقهما أعلى مقامات الخوف من الله الذي استحقابه ذلك الفضل العظيم عند الله تعالى وسبقا به غيرهما من الأمة فكانا أفضل هذه الأمة بعد نبيها .

الوجه الثاني: أن حمل الرافضي شدة خوف الشيخين على مخالفتهما ومعصيتهما، وأنهما لولا ذلك ما حصل لهما هذا، فهذا من جهله

العظيم بالشرع فإنه من المعلوم أن الخوف والخشية من لوازم العلم، كما قال تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماءُ﴾ (١)، وكل ماقوي ذلك العلم قويت الخشية في نفس العبد، ولذا قال النبي لأصحابه: (والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله) (٢)، وهذا كله يورث الإستقامة على الطاعة، وحسن العبادة، والانقطاع إلى الله تعالى، قال تعالى: ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار﴾ (٣)، وقال ﷿: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون﴾ (٤)، فَوَصْف الله عباده بالخوف والعبادة دليل تلازمهما واجتماعهما.

وبعكس هذا عدم الخوف فإنه مصاحب للتفريط وترك العمل، قال تعالى في وصف الكفار: ﴿ما سلككم في سقر - قالوا لم نك

من المصلين - ولم نك نطعم المسكين - وكنا نخوض مع الخائضين - وكنا نكذب بيوم الدين﴾ (٥)، إلى أن قال: ﴿كل بل لا يخافون الآخرة﴾ (٦)، فوصفهم بعدم العمل وعدم الخوف.


(١) سورة فاطر آية ٢٨.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك ٤/ ٦٢٣، وقال صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. انظر: التلخيص مع المستدرك.
(٣) سورة النور آية ٣٧.
(٤) السجدة آية ١٦.
(٥) سورة المدثر الآيات من ٤٢ - ٤٦.
(٦) سورة المدثر الآية ٥٣.

<<  <   >  >>