للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقول النبي : (لا نورث، ما تركنا صدقة) على ما أخرج ذلك الشيخان من حديث عائشة قالت: (إن فاطمة بنت رسول الله أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول الله ، قال: (لا نورث، ما تركنا صدقه، إنما يأكل آل محمد في هذا المال، وإني والله لا

أغير شيئاً من صدقة رسول الله عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله ، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله ، فأبى أبو بكر أن يدفع لفاطمة منها شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت). (١)

فقد كانت فاطمة مجتهدة في ذلك، اعتقدت أن الحق معها، ثم لما رأت من عزم الخليفة على رأيه أمسكت عن الكلام في المسألة، وما كان يسعها غير ذلك.

قال ابن حجر في توجيه اجتهادها: «وأما سبب غضبها [أي فاطمة] مع احتجاج أبي بكر بالحديث المذكور فلاعتقادها تأويل الحديث على خلاف ما تمسك به أبو بكر، وكأنها اعتقدت تخصيص العموم في قوله: (لا نورث) ورأت أن منافع ما خلفه من أرض وعقار لا يمتنع أن تورث عنه، وتمسك أبو بكر بالعموم، واختلفا في أمر محتمل للتأويل، فلما صمم على ذلك انقطعت عن الاجتماع به لذلك». (٢)

الوجه الثالث: أن السنة والإجماع قد دلا على أن النبي

لا يورث فيكون الحق في هذه المسألة مع أبي بكر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «كون النبي لا يورث ثبت بالسنة المقطوع بها، وبإجماع الصحابة، وكل منهما دليل قطعي، فلا


(١) أخرجه البخاري في: (كتاب المغازي، باب غزوة خيبر) فتح الباري ٧/ ٤٩٣، ح ٤٢٤٠ - ٤٢٤١، ومسلم: (كتاب الجهاد، باب قول النبي لا نورث) ٣/ ١٣٨٠، ح ١٧٥٩.
(٢) فتح الباري ٦/ ٢٠٢.

<<  <   >  >>