للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعارض ذلك بما يظن أنه عموم، وإن كان عموماً فهو مخصوص، لأن ذلك لو كان دليلاً لما كان إلا ظنياً فلا يعارض القطعي، إذ الظني لا يعارض القطعي، وذلك أن هذا الخبر (١) رواه غير واحد من الصحابة في أوقات ومجالس، وليس فيهم من ينكره بل كلهم تلقاه بالقبول والتصديق، ولهذا لم يصرّ أحد من أزواجه على طلب الميراث ولا أصرّ العم على طلب الميراث، بل من طلب من ذلك شيئاً فأخبر بقول النبي رجع عن طلبه، واستمر الأمر على ذلك على عهد الخلفاء الراشدين إلى علي، فلم يغير من ذلك شيئاً، ولاقسم له تركة». (٢)

وبإجماع الخلفاء الراشدين على ذلك احتج الخليفة العباسي أبو العباس السفاح على بعض مناظريه في هذه المسألة على ما نقل ابن الجوزي في تلبيس إبليس قال: «وقد روينا عن السفاح أنه خطب يوماً

فقام رجل من آل علي قال: أنا من أولاد علي ، فقال: يا أمير المؤمنين أعدني على من ظلمني قال: ومن ظلمك؟ قال: أنا من أولاد علي والذي ظلمني أبو بكر حين أخذ فدك من فاطمة، قال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ قال: عمر ، قال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ قال عثمان ، قال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ فجعل يلتفت كذا وكذا ينظر مكاناً يهرب منه». (٣)

وبتصويب أبي بكر في اجتهاده صرح بعض أولاد علي من فاطمة على ماروى البيهقي بسنده عن فضيل بن مرزوق قال: قال زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: (أما لو كنت مكان أبي بكر، لحكمت بما حكم به أبو بكر في فدك). (٤)


(١) يشير إلى الحديث الذي احتج به أبو بكر وهو قول النبي : (لا نورث، ما تركنا صدقه)، وقد تقدم تخريجه في الصحفة السابقة.
(٢) منهاج السنة ٤/ ٢٢٠.
(٣) تلبيس إبليس ص ١٣٥.
(٤) السنن الكبرى ٦/ ٣٠٢، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٥/ ٢٥٣.

<<  <   >  >>