للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما نقل القرطبي اتفاق أئمة أهل البيت بدأً بعلي ومن جاء بعده من أولاده، ثم أولاد العباس الذين كانت بأيديهم صدقة رسول الله ، أنهم ما كانوا يرون تملكها، وإنما كانوا ينفقونها في سبيل الله قال : «إن علياً لما ولي الخلافة لم يغيرها عما

عمل فيها في عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان، ولم يتعرض لتملكها، ولا لقسمة شيء منها، بل كان يصرفها في الوجوه التي كان من قبله يصرفها فيها، ثم كانت بيد حسن بن علي، ثم بيد حسين بن علي، ثم بيد علي بن الحسين، ثم بيد الحسين بن الحسن، ثم بيد زيد بن الحسين، ثم بيد عبد الله بن الحسين، ثم تولاها بنو العباس على ما ذكره أبو بكر البرقاني في صحيحه، وهؤلاء كبراء أهل البيت وهم معتمد الشيعة وأئمتهم، لم يُرو عن واحد منهم أنه تملكها ولا ورثها ولا ورثت عنه، فلو كان ما يقوله الشيعة حقاً لأخذها علي أو أحد من أهل بيته لما ظفروا بها ولم فلا». (١)

فظهر بهذا إجماع الخلفاء الراشدين، وسائر الصحابة، وأئمة أهل البيت أجمعين، على أن رسول الله لا يورث، وأن ما تركه صدقة، وعلى ذلك جرى عمل الخلفاء الراشدين وأئمة أهل البيت الذين كانت بأيديهم صدقة رسول الله .

الوجه الرابع: أن النبي إنما أراد بغضب فاطمة الذي يغضب له هو: أن تغضب بحق، وإلا فالرسول لا يغضب لنفسه، ولأحد من أهل بيته بغير حق، بل ما كان ينتصر لنفسه ولو بحق مالم تنتهك محارم الله، كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة

قالت: (ما خير النبي بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يأثم، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه، والله ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قط، حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله). (٢)


(١) المفهم للقرطبي ٣/ ٥٦٤.
(٢) أخرجه البخاري في: (كتاب الحدود، باب إقامة الحدود) فتح الباري ١٢/ ٨٦، ح ٦٧٨٦، ومسلم: (كتاب الفضائل، باب مباعدته للآثام) ٤/ ١٨١٣، ح ٢٣٢٧.

<<  <   >  >>