للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أزواج النبي ﷺ قال: قام النبي ﷺ خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة، فقال: ههنا الفتنة ههنا الفتنة ههنا الفتنة، من حيث يطلع قرن الشيطان.

وبعد كل هذا أتساءل كيف استحقت عائشة كل هذا التقدير والاحترام من أهل السنة والجماعة، ألأنها زوج النبي ﷺ، فزوجاته كثيرات، وفيهن من هي أفضل من عائشة بتصريح النبي ﷺ نفسه».

وجوابه:

أن قوله إنها أشعلت نار حرب الجمل وقادتها بنفسها الخ كلامه.

فهذا من أظهر الكذب الذي يعلم فساده كل من له اطلاع على التأريخ وأحداث موقعة الجمل، وذلك أن هذه المعركة لم تقع بتدبير أحد من الصحابة لا علي ولا طلحة ولا الزبير ولا عائشة، بل إنما وقعت بغير اختيار منهم ولا إرادة لها، وإنما انشب الحرب بينهم قتلة عثمان لما رأوا أن الصحابة ﵃ أوشكوا على الصلح، كما نقل ذلك المؤرخون وصرح به العلماء المحققون للفتنة وأحداثها:

يقول الباقلاني: «وقال جلة من أهل العلم إن الوقعة بالبصرة بينهم كانت على غير عزيمة على الحرب بل فجأة، وعلى سبيل دفع كل واحد من الفريقين عن أنفسهم لظنه أن الفريق الآخر قد غدر به، لأن الأمر كان قد انتظم بينهم وتم الصلح والتفرق على الرضا، فخاف قتلة عثمان من التمكن منهم والإحاطة بهم، فاجتمعوا وتشاوروا واختلفوا، ثم اتفقت أراؤهم على أن يفترقوا ويبدؤوا بالحرب سحرة في العسكرين، ويختلطوا ويصيح الفريق الذي في عسكر علي: غدر طلحة والزبير، ويصيح الفريق الآخر الذي في عسكر طلحة والزبير: غدر علي، فتم لهم ذلك على ما دبروه، ونشبت الحرب، فكان كل فريق منهم مدافعاً لمكروه عن نفسه، ومانعاً من الإشاطة بدمه، وهذا صواب من الفريقين وطاعة لله تعالى إذا وقع، والامتناع منهم على هذا السبيل، فهذا هو الصحيح المشهور، وإليه نميل وبه نقول». (١)


(١) التمهيد في الرد على الملحدة ص ٢٣٣.

<<  <   >  >>