للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول ابن العربي: «وقدم علي البصرة وتدانوا ليتراؤوا، فلم يتركهم أصحاب الأهواء، وبادروا بإراقة الدماء، واشتجر بينهم الحرب، وكثرت الغوغاء على البغواء، كل ذلك حتى لايقع برهان، ولا تقف الحال على بيان، ويخفى قتلة عثمان، وإن واحداً في الجيش يفسد تدبيره فكيف بألف». (١)

ويقول ابن حزم: «وأما أم المؤمنين والزبير وطلحة ومن كان معهم فما أبطلوا قط إمامة علي ولا طعنوا فيها فقد صح صحة ضرورية لا إشكال فيها أنهم لم يمضوا إلى البصرة لحرب علي ولا خلافاً عليه ولا نقضاً لبيعته وبرهان ذلك أنهم اجتمعوا ولم يقتتلوا ولا تحاربوا، فلما كان الليل عرف قتلة عثمان أن الإراغة والتدبير عليهم، فبيتوا عسكر طلحة والزبير، وبذلوا السيف فيهم فدفع القوم عن أنفسهم فرُدِعُوا حتى خالطوا عسكر علي، فدفع أهله عن أنفسهم، وكل طائفة تظن ولا تشك أن الأخرى بدأتها بالقتال، فاختلط الأمر اختلاطاً لم يقدر أحد على أكثر من الدفاع عن نفسه، والفسقة من قتلة عثمان، لعنهم الله لايفترون من شب الحرب وإضرامها». (٢)

ويقول ابن كثير واصفاً الليلة التي اصطلح فيها الفريقان من الصحابة: «وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورون، وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس». (٣)

ويقول ابن أبي العز الحنفي: «فجرت فتنة الجمل على غير اختيار من علي ولا من طلحة والزبير، وإنما أثارها المفسدون بغير

اختيار السابقين". (٤)

فهذه أقوال العلماء المحققين كلها متفقة على أن الحرب يوم الجمل


(١) العواصم من القواصم ص ١٥٩.
(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٤/ ٢٣٨ - ٢٣٩.
(٣) البداية والنهاية ٧/ ٥.
(٤) شرح العقيدة الطحاوية ص ٧٢٣.

<<  <   >  >>