للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نشأت بغير قصد من الصحابة ولا اختيار منهم، بل إنهم كانوا كارهين لها، مؤثرين الصلح على الحرب، ولم يكن لأي أحد من الصحابة أي دور في نشوبها ولا سعي في إثارتها، لا عائشة كما زعم هذا الرافضي ولا غيرها، وإنما أوقد جذوتها وأضرم نارها سلف هذا الرافضي الحاقد، وغيرهم من قتلة عثمان وهو اليوم يرمي أم المؤمنين بذلك، فعليهم من الله ما يستحقون، ما أشد ابتلاء الأمة بهم، وأعظم جنايتهم عليها قديماً وحديثاً.

وأما قوله: إنها خرجت من بيتها، وقد أمرها الله بالاستقرار فيه في قوله تعالى: ﴿وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى﴾. (١)

فالرد عليه: أن عائشة إنما خرجت للصلح بين المسلمين، ولجمع كلمتهم، ولما كانت ترجو من أن يرفع الله بها الخلاف بين المسلمين لمكانتها عندهم، ولم يكن هذا رأيها وحدها،

بل كان رأي بعض من كان حولها من الصحابة الذين أشاروا عليها بذلك.

يقول ابن العربي: «وأما خروجها إلى حرب الجمل فما خرجت لحرب، ولكن تعلق الناس بها وشكوا إليها ما صاروا إليه من عظيم الفتنة وتهارج الناس، ورجوا بركتها في الإصلاح وطمعوا في الإستحياء منها إذا وقفت للخلق، وظنت هي ذلك، فخرجت مقتدية بالله في قوله: ﴿لاخير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس﴾ (٢) وبقوله: ﴿وإن طائفتان من المؤمنين أقتتلوا فأصلحوا بينهما﴾ (٣) والأمر بالاصلاح، مخاطب به جميع الناس من ذكر أو أنثى حر أو عبد». (٤)

وقد صرحت عائشة نفسها بأن هذا هو سبب خروجها، كما ثبت ذلك عنها في أكثر من مناسبة وفي غيرما روايه.


(١) سورة الأحزاب آيه ٣٣.
(٢) سورة النساء آيه ١١٤.
(٣) سورة الحجرات آيه ٩.
(٤) أحكام القرآن ٣/ ٥٦٩ - ٥٧٠.

<<  <   >  >>