للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فروى الطبري أن عثمان بن حنيف وهو والي البصرة من قبل علي بن أبي طالب أرسل إلى عائشة عند قدومها البصرة من يسألها عن سبب قدومها، فقالت: (والله ما مثلي

يسير بالأمر المكتوم، ولا يغطّي لبنيه الخبر، إن الغوغاء من أهل الأمصار، ونزاع القبائل، غزوا حرم رسول الله ، وأحدثوا فيه الأحداث، وآووا فيه المحدثين، واستوجبوا فيه لعنة الله ولعنة رسوله مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا ترة ولا عذر، فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام، والشهر الحرام، ومزقوا الأعراض والجلود، وأقاموا في دار قوم كانوا كارهين لمقامهم، ضارين مضرين غير نافعين ولا متقين، ولا يقدرون على امتناع ولا يأمنون، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم وما فيه الناس وراءنا، وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، وقرأت: ﴿لاخير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس﴾ (١) فنهض في الإصلاح ممن أمر الله ﷿، وأمر رسول الله الصغير والكبير والذكر والأنثى، فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به ونحضكم عليه، ومنكر ننهاكم عنه ونحثكم على تغييره) . (٢)

وروى ابن حبان أن عائشة كتبت إلى أبي موسى الأشعري والي علي على الكوفة: (فإنه قد كان من قتل عثمان

ما قد علمت، وقد خرجت مصلحة بين الناس، فمر من قبلك بالقرار في منازلهم، والرضا بالعافية حتى يأتيهم ما يحبون من صلاح أمر المسلمين) . (٣)

ولما أرسل علي القعقاع بن عمرو لعائشة ومن كان معها يسألها عن سبب قدومها، دخل عليها القعقاع فسلم عليها، وقال: (أي أُمة ما أشخصك وما أقدمك هذه البلدة؟ قالت: أي بنيّ إصلاح بين الناس) . (٤)


(١) سورة النساء آيه ١١٤.
(٢) تاريخ الطبري ٤/٤٦٢.
(٣) الثقات لابن حبان ٢/٢٨٢.
(٤) تاريخ الطبري ٤/٤٨٨، والبداية والنهاية لابن كثير ٧/٢٤٨.

<<  <   >  >>